نام کتاب : كليات في علم الرجال نویسنده : الشيخ السبحاني جلد : 1 صفحه : 365
ثانيا : اتصاف جماعة من أصحابنا بعدم الرواية أو الارسال إلا عن ثقة ، على فرض ثبوته فضيلة لهم ، ليست لها دخالة في الاتصاف بالوثاقة ، بحث لو لم يكن الكليني مثلهم لا يكون أوثق الناس وأثبتهم ، لما عرفت من أن المادة والهيئة لا ترميان إلا إلى التحرز عن الكذب ، والسداد عن الزلة وقلة الاشتباه ، من دون نظر إلى سائر الجهات . ثالثا : إن الرواية عن الضعفاء مع ترك التسمية يخالف الوثاقة ، وأما الرواية عنهم معها فلا يخالفها أبدا ، نعم إكثار الرواية من الضعفاء كان أمرا مذموما ، وقد رمى به أحمد بن محمد بن خالد البرقي ، وأما النقل عنهم على الوجه المتعارف مع التسمية فلا ينافي الوثاقة والثبت ، فلا مانع من أن يروي الكليني مع ذكر أسمائهم ومع ذلك يكون من أوثق الناس وأثبتهم . رابعا : إن المتحرزين في النقل عن الضعفاء ، إنما يتحرزون في النقل عنهم بلا واسطة ، وأما النقل عنهم بواسطة الثقات ، فقد كان رائجا ، وهذا هو النجاشي لا يروي إلا عن ثقة بلا واسطة ، وأما معها فيروي عنها وعن غيرها ، ولأجل ذلك يقول في ترجمة أبي المفضل محمد بن عبد الله بن محمد : " كان سافر في طلب الحديث عمره ، أصله كوفي وكان في أول امره ثبتا ثم خلط ، ورأيت جل أصحابنا يغمزونه ويضعفونه ، له كتب إلى أن قال : رأيت هذا الشيخ وسمعت منه كثيرا ثم توقفت عن الرواية عنه إلا بواسطة بيني وبينه " [1] . وعلى ذلك فأقصى ما يمكن أن يقال : إن الكليني لا يروي في كتابه بلا واسطة إلا عن الثقات ، وأما معها فيروي عن الثقة وغيرها ، وأما الالتزام بالنقل عن الثقات في جميع السلسلة فلم يثبت في حق أحد ، إلا المعروفين بهذا الوصف ، أعني ابن أبي عمير وصفوان والبزنطي كما أوضحناه .