نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 21
عن اشكال قد ذكر بعض من تأخر لاحتمال جواز البيع في كلامهما وجوها الأصل والعمومات وخبر الصيقل وما بمعناه من الخبر الأخر وان ما دل على المنع من بيع النجس نصا وإجماعا ظاهر في كون المانع منه انما هو حرمة الانتفاع به لا مجرد النجاسة أو مجرد كونه ميتة مثلا ولهذا أطبقوا على جواز بيع الكافر وكلب الصّيد معلَّلين بحل الانتفاع به وان النجاسة غير مانعة منه وقد أخذ هذا الوجه الأخير من كلام ( المصنف ) ( رحمه الله ) الَّذي ذكره في ذيل قوله والإنصاف ثم ان ذلك البعض أورد على ما ذكره بان الجميع كالاجتهاد في مقابلة النص والإجماع وان الرواية مع شذوذها كما في الرياض وغيرها ومع قرب حملها على التقية كما يومي إليه كونها من قبيل المكاتبة قاصرة سندا ودلالة فلا بأس بطرحها ونسج على منواله بعض المعاصرين ثم أيد ما ذكره بان التدبر في كلامهم قد يفيد القطع بكون النجاسة بنفسها من الموانع ولا يلتفت إلى ما قد يوهم خلاف ذلك من بعض عبارات الخلاف والغنية ونحوهما مما هو في مقابلة العامة والمجاراة معهم أو لبنائهم على حرمة الانتفاع بالنجس ( مطلقا ) فيكون داخلا فيما لا ينتفع به وان كان في نفسه مانعا لو فرض جواز الانتفاع به الا انه غير ثابت عندهم فلم يتعرضوا له فلاحظ وتأمل انتهى وأنت خبير بأنه لم يأت في مقابلة كلام ( المصنف ) ( رحمه الله ) بما يتجه مقابلته به لان مجرد دعوى القطع مما لا يتم في مقابل ما ذكره ووجه الحاكي عنه قوله ويمكن ان يقال ان مورد السؤال عمل السيوف وبيعها وشراؤها لا خصوص الغلاف مستقلا ولا في ضمن السيف على أن يكون جزء من الثمن في مقابل عين الجلد لا يخفى عليك بعد الفرض على وجه لا يخطر ببال غير ( المصنف ) ( رحمه الله ) خصوصا من كان في عرض الناس من أهل الأسواق الَّذين منهم السائل مضافا إلى ان هذا خلاف ظاهر شرائها مقدما على بيعها فان الجلود هي التي يشتريها ثم يبيعها والسيوف انّما يعملها ومخالف لظاهر قوله ومسّها بأيدينا وثيابنا فان الجلود هي التي يسئل عن مسها دون السيوف والضمائر كلها متطابقة في الرجوع إلى شيء واحد قوله الَّا من حيث التقرير الغير الظاهر في الرضا لأنه من قبيل السكوت الذي هو مجمل ساكت عن إفادة مقصد من المقاصد الا بعد العلم بانضمام شرائط التقرير بأسرها قوله نعم ذكر في التذكرة شرط الانتفاع وحليته بعد اشتراط الطهارة واستدل للطهارة بما دل على وجوب الاجتناب عن النجاسات وحرمة الميتة قال في التذكرة في أوّل الفصل الرابع الذي عقده لبيان شرائط العوضين في البيع ما لفظه ويشترط فيها أمور الأول الطهارة مسئلة يشترط في المعقود عليه الطهارة الأصلية فلا تضر النجاسة العارضة مع قبول التطهير ولو باع نجس العين كالخمر والميتة والخنزير لم يصحّ إجماعا لقوله ( تعالى ) « فَاجْتَنِبُوهُ » - « حُرِّمَتْ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةُ » والأعيان لا يصحّ تحريمها وأقرب مجاز إليها جميع وجوه الانتفاع وأعظمها البيع فكان حراما ولقول جابر سمعت رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) وهو بمكة يقول ان اللَّه ورسوله حرم بيع الخمر والميتة والخنزير والأصنام ثمّ تعرض لمسائل كثيرة هي من فروع المقام حتى أنهى المقال إلى ان قال الشرط الثاني المنفعة مسئلة لا يجوز بيع ما لا منفعة فيه فإنه ليس ما لا فلا يؤخذ في مقابلة المال كالحبة والحبتين من الحنطة ولا نظر إلى ظهور الانتفاع إذا ضم إليها أمثالها ولا إلى انها قد توضع في الفخ أو تبذر ولا فرق بين زمان الرخص والغلاء ومع هذا فلا يجوز أخذ حبة من صبرة الغير فإن أخذت وجب الرد فان تلفت فلا ضمان لأنه لا مالية لها وهذا كله للشافعي أيضا وفي وجه أخر لجواز بيعها وثبوت مثلها في الذّمة وليس بجيد إلى ان قال ما أسقط الشارع منفعته لا نفع له فيحرم بيعه كآلات الملاهي مثل العود والزمر وهياكل العبادة المبتدعة كالصليب والضم وآلات القمار كالنرد والشطرنج ان كان رضاضها لا يعد ما لا وبه قال الشافعي وان عد مالا فالأقوى عندي الجواز مع زوال الصفة المحرمة هذا كلامه ( رحمه الله ) فاستفاد ( المصنف ) ( رحمه الله ) من عد المنفعة شرطا ثانيا في مقابل اشتراط الطهارة ومن اعتباره في المنفعة ان تكون محللة كما دل عليه قوله ما أسقط الشارع منفعة لا نفع له ومن الاستدلال لاشتراط الطهارة بما دل على وجوب الاجتناب عن النجاسات الَّذي هو مسوق لمجرد تحريم المباشرة ان اشتراط الطهارة أمر وراء اشتراط المنفعة وان انتفاع الأولى لا يوجب سلب الثانية عما من شأنه أن تحصل منه فلا يكون حرمة بيع النجس مستندة إلى انتفاء المنفعة وهو خلاف ما قرره ( المصنف ) ( رحمه الله ) من ان حرمة بيع النجس انما هي من جهة كونه مسلوب المنفعة وانه إذا ثبت له منفعة جاز بيعه لانتفاء المانع قوله والإنصاف إمكان إرجاعه إلى ما ذكرنا فتأمل ويؤيده انهم أطبقوا على بيع العبد الكافر وكلب الصيد وعلله في التذكرة بحل الانتفاع به ( انتهى ) وجه الإرجاع ان النسبة بين نجاسة الشيء وانتفاء المنفعة فيه هي العموم من وجه فتجتمعان في الأبوال النجسة مثلا وتفترق الأولى عن الثانية في العبد الكافر وينعكس الأمر في الحشرات المحكوم بطهارتها فنقول ( حينئذ ) ان العلامة ( رحمه الله ) لما أخر ذكر اشتراط المنفعة عن اشتراط الطهارة أراد بذلك اعتبار اشتراط وجود المنفعة التي ليس مدار انتفائها نجاسة الشيء ضرورة ان من الأشياء ما هو طاهر ومع ذلك لا منفعة له وان كان لو فرض انه لو كان قد قدم اشتراط المنفعة لم يكن وجه لذكر اشتراط الطهارة لأجل إفادة الاحتراز عن الأشياء التي انتفت منافعها من جهة النجاسة ضرورة ان اشتراط المنفعة ( حينئذ ) يكون مغنيا عن اشتراط الطهارة فيلزم أن يكون اشتراطها لأمر غير اشتراط كون الشيء ذا منفعة وأراد باشتراط الطهارة الاحتراز عما سلبت منفعة بسبب النجاسة لا عن كل نجس بدليل تعليله جواز بيع كلب الصيد بحل الانتفاع ولا ينافيه التمسك في اشتراط الطهارة بما دل على الأمر بالاجتناب عن النجاسة وتحريم الميتة لأن ذلك يصحّ أن يكون لغرض إفادة ان الشارع إذا أمر بالاجتناب عن شيء أو حرم شيئا فقد أسقط منفعة عن درجة الاعتبار ولم يدع ( المصنف ) ( رحمه الله ) أوّلا إلَّا إمكان الإرجاع وان كان قد أيده بعد ذلك بذكره تعليل جواز بيع كلب الصّيد بحل الانتفاع ويعلم من التأييد ان أمره ( رحمه الله ) بالتأمل ليس لتوهين ما ذكره بل للايصاء بالتدبر فيه قوله ومما ذكرنا من قوة جواز بيع جلد الميتة لو لا الإجماع إذا جوزنا الانتفاع به في الاستقاء يظهر حكم جواز المعاوضة على لبن اليهودية المرضعة بأن يجعل تمام الأجرة أو بعضها في مقابل اللبن فان نجاسته لا تمنع عن جواز المعاوضة عليه ومثله استيجار الفحل للضراب المقصود منه الماء الذي حكموا بحرمة بيعه من جهة نجاسته ففي اللبن المذكور وماء الفحل اشكال من جهة نجاستها وقد نصوا على ان استيجار اليهودية للإرضاع مكروه وان أجرة فحل الضراب ( كذلك ) فيتوجه السؤال ( حينئذ ) بأنه كيف جاز ذلك مع عدم صحة بيع شيء منهما لكونه نجسا والمقصود من الاستيجار ليس الَّا ذلك المحكوم بنجاسة الممنوع من بيعه واستراح من ذهب إلى إن الدخول من الباطن إلى الباطن ليس موجبا للنجاسة فيبقى على الطهارة الثابتة له كما عرفت الإشارة إليه من صاحب مفتاح الكرامة ( رحمه الله ) في مسئلة حرمة بيع المنى ومثله صاحب الجواهر ( رحمه الله ) حيث قال في باب الرضاع عند قول المحقق ( رحمه الله ) ولا تسترضع الكافرة بعد استفادة الجواز مع الكراهة من الأدلة وذكر خبر يدل على منعها من شرب الخمر حال إرضاعها للولد فلا يقدح نجاسة اللبن ( حينئذ ) انتهى وهو ( رحمه الله ) وان لم يذكر الوجه في عدم القدح الَّا انه ذكر بعض مشايخنا انه سمع منه شفاها في مجلس البحث ان لبن الكافرة انما ينجس بعد خروجه واما مع دخوله من الباطن إلى الباطن كما عليه الحال عند رضاع الطفل فلا يتصف بالنجاسة فلا ضير ( حينئذ ) ويشكل الأمر على من يقول بان الدخول من الباطن بمنزلة الخروج في الاتصاف بالنجاسة ( كالمصنف ) ( رحمه الله ) فيلزمه ان يقول ببطلان الإجارة ضرورة ان المقصود منها انما هو منفعة العين المستأجرة
21
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 21