نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 153
من دليل الشرع انما هو ذلك ولعدم حكم العقل في المفروض بأزيد منه أقول قد عرفت انّه قد يكون قابض الجائزة عند دفعها إليه عالما بالحرمة وقد لا يكون ( حينئذ ) عالما بها لكن يحصل له العلم بها بعد القبض امّا في الصّورة الأولى فإن قبضها بنية التملك كان غاصبا ظالما حكم العقل برفع ظلمه عن صاحب المال فورا فهيهنا نسلَّم ما ذكره وان قبضها بنية إيصالها إلى صاحبها لم يكن ظالما أو لا يحكم عليه العقل بان يترك أشغاله المهمة كالأكل والاستحمام ويتعب نفسه بالعدو ونحو ذلك وانما يحكم بالاهتمام في أمر ذلك المال بان لا يفعل ما يكون فعله خيانة عادة ولا يترك ما يكون تركه خيانة ( كذلك ) واما انه يلزم عليه ان يضرّ نفسه أو يحرج عليها حيث أقدم على استنقاذ مال المظلوم فهو ممنوع بل المعلوم خلافه وامّا في الصّورة الثانية فإن قصد البقاء على تملكه كان حكمه كالقسم الأول من الصّورة الأولى لأنه ظالم ( حينئذ ) من جهة إقدامه على ما يحرم عليه الاقدام وان عليه قصد بمجرد العلم رده إلى صاحبه ولو على مقتضى الإمكان عادة فالحكم ( حينئذ ) كالقسم الثاني من الصّورة الأولى فنمنع حكم العقل بالفور الحقيقي وكلام ( المصنف ) ( رحمه الله ) انّما هو في الصّورة الثانية كما لا يخفى على من لاحظ كلامه من أول المسئلة إلى هنا وعبارته هذه أيضا تعطى ما بيّناه لان قوله بعد العلم بغصبيتها طاهر في طرو العلم بها وتمسّكه بعدم الخلاف دون حكم العقل يؤيد ذلك فإستدراكه سقوط وجوب الفور بإعلام صاحبه به يؤيدهما إذ لا معنى لحكم العقل على عنوان بحكم وحكمه بسقوط ذلك الحكم وتبدله بآخر من دون حدوث تبدل في العنوان فنحن نلتزم في قسمي الصورة الثانية بوجوب الفور من جهة تسالم الأصحاب عليه لا من باب حكم العقل فيهما بل حكمه منحصر في أحدهما ولا نقول بسقوط وجوب الفور بإعلام صاحبه في مورد حكم العقل به وانما نقول به في مورد حكم الشرع وذلك لأنه وان كان حكم الشرع أيضا في أحد قسمي الصورتين موجودا الا ان حكم العقل نص وحكم الشرع ظاهر والنص مقدم على الظاهر والظاهر عدم الخلاف في غير ما حكم العقل فيه بوجوب الفور من قسمي الصورتين من جهة وجوب الفور ولا نلتزم ( حينئذ ) بأزيد من الفور العرفي قوله وظاهر أدلَّة وجوب أداء الأمانة وجوب الإقباض وعدم كفاية التخلية الا ان يدعى انها في مقام حرمة الحبس ووجوب التمكين لا تكليف الأمين بالإقباض لا ريب في انه لو أنعم الجائر على غيره بدار أو حمام أو بستان أو حانوت أو دكان ونحوها كان ردها إلى مالكها عبارة عن التخلية بينه وبينها وكان عدم التعرض لذلك انما هو لوضوحه وان بحثهم عن انّه يجب الإقباض أو يكفي التخلية انما هو بالنسبة إلى المنقولات و ( الظاهر ) انسياق أدلَّة أداء الأمانة من الآيات والاخبار لبيان حرمة الحبس ووجوب التمكين لا تكليف الأمين بالإقباض ولا أقل من عدم الظهور في إثبات التكليف بالإقباض فيرجع إلى أصالة البراءة عنه حيث انّه تكليف لم يعلم ثبوته ثم ان قلنا بأنّ الواجب انّما هو الرّد وتوقف على الأجرة فتفصيل القول فيه انك قد عرفت ان حال القابض يتصور على وجهين الأوّل أن يكون في حال القبض عالما بكون الجائزة حراما بعينها وقد تقدم ان حكمه ( حينئذ ) حرمة القبض المستتبعة للإثم إلا بنية الرد من باب الحسبة ووجوب الردّ على المالك أو من يقوم مقامه فلو احتاج الردّ إلى أجرة وجب على القابض بذلها لأنه إذا وجب الرد وجب مقدمة التي هي بذلك الأجرة ولو كانت مالا كثيرا يزيد على أضعاف قيمته بل صرّح بعضهم بأنه يجب عليه الرد ولو توقف على تلف النفس وان كان هذا لا يخلو عن تأمل وتحقيقه في كتاب الغصب إنشاء اللَّه تعالى واما في صورة القبض بنية الرد من باب الحسبة فلا يجب عليه بذل الأجرة لأنه محسن فلا يكلف بنقله إلى المالك بل يبقى في يده أمانة شرعية وإذا لم يجب أصل النقل لم تجب مقدمته نعم يجب عليه اعلام المالك بذلك حتى يأخذه ثم انّه لو توقف الاعلام على الأجرة كما لو كان في بلد بعيد لا يمكن اعلامه الا بتوجيه ساع ونحو ذلك احتمل سقوط الوجوب فيدفع المال إلى الحاكم الشرعي لأنه لم يقصد إلا الإحسان فلا يوجه إليه الضرر من جانب الشارع واحتمل بقاء الوجوب حذرا من لغوية أخذه إذ لا فرق بينه وبين الجائر ( حينئذ ) في عدم وصول المال إلى صاحبه و ( حينئذ ) فيمكن ان ( يقال ) بوجوب دفع الأجرة عليه لأنه قبض مال الغير عالما بكونه مال الغير وانه يجب عليه الإيصال ويمكن ان ( يقال ) انّه يخبر الحاكم الشرعي حتى يؤدى من بيت المال ان قلنا بأنه لا يختص بالمصلحة الَّتي تكون بعد حصولها عامة لجميع المسلمين ويحتمل ان يفصل بين ما لو علم بان اخبار المالك يحتاج إلى أجرة فيجب عليه دفعها لتعمّده ذلك والا لم يكن فرق بينه وبين الغاصب وبين ما لو لم يعلم فيحكم بشيء من الوجوه السّابقة ولو قلنا في سائر أقسام الأمانة الشرعية مما لم يقدم المكلَّف إلى إحرازه باختياره كالثوب الذي حملته الريح إلى داره بسقوط وجوب الاعلام لو توقف على الأجرة لم يلزم من ذلك سقوطه هنا والفرق تحقق الاقدام اختيارا هنا دون ذاك الثاني أن يكون في حال القبض جاهلا بكونها محرمة بعينها ويعلم بذلك بعد القبض ولا إشكال في انتفاء الحرمة عن قبضه لكن يجب عليه الرد ثم انّه يجب عليه بذل الأجرة لو توقف عليه وهل يرجع بها على دافع الجائزة إليه قال في الجواهر نعم لأنه غرّه بذلك حيث كان جاهلا والمغرور يرجع على من غرّه وفيه نظر لان رجوع المغرور على من غرّه انّما يسلم فيما إذا استند فعل المغرور إلى الغار واما في مطلق ما يترتب على فعل المغرور فلا الا ترى انه لو باع دارا من غيره ببيع فاسد يعلم بفساده البائع دون المشتري فغرّة فبذلك ثم ان المشترى صنع ضيافة في تلك الدار وصرف طعاما فهل يسع أحد ان يحكم بأن المشتري مغرور فيما بذل فيرجع على البائع وهذا الذي ذكرناه هو القدر المتيقن مما أجمعوا عليه من مؤدى القاعدة ولرواية التي ذكرها على طبق مؤداها غير مستجمعة لشرائط الحجية والاعتبار فلا يؤخذ بها الا بقدر انجبارها بالإجماع ففيما نحن فيه لا يتحقق الغرور من الجائر غالبا لان حاله في الغالب شاهد بأنّه انّما يتصرّف في أموال الناس على حدّ تصرّف الملاك في أموالهم فيأخذ ويشترى بما أخذه ويصل به أرحامه وأعوانه وينعم به على خدامه وغيرهم فلا يظهر انه لم يأخذه من الناس وانه مما انتقل إليه بالإرث مثلا حتى يكون غارا للآخذ نعم لو أخبره بأن الجائزة انما هي طلق ماله وليس مما أخذه من الناس فلذلك أقدم على أخذه الأخذ تحقق الغرور ( حينئذ ) واتجه الرجوع على الجائر بالأجرة على هذا التقدير بخصوصه دون غيره هذا وربما أمكن ان يمنع الرجوع بالأجرة في صورة الأخبار بان الجائزة انما هي طلق ماله أيضا لا لأنه لا فرق بين قول الجائر وفعله في عدم الاعتبار ضرورة وجود الفرق من جهة كون الفعل ساكتا وكون القول ناطقا بل من جهة ان الخسران هنا ليس مما يستند إلى فعل الغار فليس هو إلا بمنزلة مصارف الضيافة في المثال المذكور ( فتأمل ) قوله ولو جهل
153
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 153