نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 13
يحتاج فيها إلى دليل شرعي ومن طلب ذلك لم يجده ومما يجوز ان نعارض به مخالفينا في هذه المسئلة ما يروونه عن البراء بن عازب عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال ما أكل لحمه فلا بأس ببوله ومما يروونه ( أيضا ) عن حميد عن أنس عن قوما من عوينه قدموا على النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المدينة فاستوخموها فانتفخت أجوافهم فبعثهم ( عليه السلام ) إلى لقاح الصدقة ليشربوا من أبوالها وأيضا فإن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) طاف بالبيت راكبا على راحلته في جميع الروايات ويدا الراحلة ورجلاها لا تخلو من بولها وروثها أيضا هذا هو الأغلب الأظهر فلو كان ذلك نجسا لنزّه النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) المسجد عنه هذا ما أهمنا نقله من كلامه وهناك اخبار أخر من طرق الخاصة كالموثق عن الصادق كل ما أكل لحمه فلا بأس بما يخرج منه والموثق الأخر عنه ( عليه السلام ) أيضا سئل عن بول البقر يشربه الرجل قال ان كان محتاجا إليه يتداوى به يشربه وخبر سماعة سئلت أبا عبد اللَّه ( عليه السلام ) عن شرب الرجل أبوال الإبل والبقر والغنم ينعت له من الوجع هل يجوز له ان يشرب قال نعم لا بأس به وثانيهما عدم الجواز ( مطلقا ) وهو الذي اختاره المحقق ( رحمه الله ) في كتاب الأطعمة والأشربة من ( الشرائع ) لاستخباثها وقوّاه في الرياض نظر إلى استخباثها قطعا كما هو الظاهر أو إلى احتمال كونها خبائث وقد نهينا عن تناولها فيجب الاجتناب عن الأبوال من باب المقدمة لتحصيل القطع بامتثال الحكم باجتناب الخبائث والى الأولوية المستفادة مما دل على حرمة الروث والمثانة التي هي مجمع البول بناء على بعدهما عن القطع بالاستخباث بالنسبة إلى البول ثم أكَّد وجه الأولوية بان الأدلة المعتبرة ظاهرة في كون أمر الروث أسهل من البول فإذا حرم تناول الروث حرم البول بطريق أولى وعندي إن هذا القول هو الأقوى وفي آية تحريم الخبائث غنى وكفاية بعد القطع بكون البول ( مطلقا ) من قبيل الخبائث وبه يندفع التمسك بأصالة الإباحة ويخص عموم قوله تعالى « خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الأَرْضِ جَمِيعاً » وغيره من العمومات لو سلمنا إن لفظ ما في الأرض يشمل مثل البول والإجماع الَّذي ادعاه السيد ( رضي الله عنه ) منقول موهون ولذلك خالف فيه المحقق والعلامة ( رحمه الله ) في القواعد حيث قال في مقصد الأطعمة والأشربة في عداد المائعات المحرمة الثاني البول سواء كان نجسا كبول ما لا يؤكل لحمه وسواء كان الحيوان نجسا كالكلب والخنزير أو طاهرا كبول ما يوكل لحمه للاستخباث نعم يجوز الاستشفاء بشرب بول الإبل وشبهه هذا كلامه ومن هنا يعلم أن ما ذكره السيّد ( رضي الله عنه ) من ان كل من قال بالطهارة جوز ولا أحد يقول بالطهارة والمنع من شربه ليس في محله فإن العلامة ( رحمه الله ) يقول بطهارة بول ما يؤكل ويمنع من شربه فالقائل بالفصل موجود وليس المفصل منحصرا في العلامة ( رحمه الله ) واما الاخبار فلا دلالة فيها أيضا اما ما دل على نفى البأس عن بول ما أكل لحمه أو ما يخرج من بطنه من طريق العامة والخاصة فلأنه ناظر إلى الطهارة ونفى النجاسة وامّا حديث بعث النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) الجماعة الذين انتفخت بطونهم ليشربوا بول إبل الصدقة فلأنه ناظر إلى التداوي به من الداء وهو خارج عن المفروض فان كلامنا انما هو في صورة الاختيار وامّا حديث طواف النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) على راحلته فهو ناظر إلى الطهارة على تأمل في دلالته عليها ( أيضا ) ولا كلام لنا في الطهارة واما الخبران الأخيران فهما ( أيضا ) واردان في مقام تجويز التداوي بشربه وهو خارج عن مفروضنا الذي هو شربه اختيارا قوله فالظاهر جواز بيعها إذ لا يكون من قبيل ما حرم اللَّه غايته المقصودة حتى يحرم بيعه وثمنه فإن الغاية المقصودة اللائقة بحال البول ليس الا هو الشرب فإذا لم يحرم ثمنه ويبقى على أصالة الإباحة قوله من عدم المنفعة المحللة المقصودة هذا بيان لمنشأ القول بعدم الجواز وهو المحكي عن ظاهر الشيخ ( رحمه الله ) في النهاية واختاره العلامة في القواعد وحكى عن التذكرة والإرشاد ووجه انتفاء المنفعة المذكورة هو انه لو جاز بيعه لكان للانتفاع به في الشرب لكن شرب الأبوال محرم والانتفاع بغير الشرب نادر لا يعتدّ به ولا يصح البيع لأجله كما في فضلات الإنسان ورطوباته ووجه حرمة شربه كونه من الخبائث المحرمة بنص الكتاب بل روى عن رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) بعدة طرق انه كان يكره الكليتين ولا يأكلهما لكونهما مجمع البول أو لقربهما منه بل لو سلمنا جوازه فهو نفع نادر غير مقصود للعقلاء ولا معدود من المنافع عرفا لإعراض الناس وعدم التفاتهم إليه كالانتفاع بغير الشرب فلا يصح بيعه للإجماع على اشتراط المنفعة في البيع والمراد بها المنفعة الظاهرة المقصودة من الشيء فيدخل التكسب به تحت قوله ( عليه السلام ) إن اللَّه إذا حرم شيئا حرم ثمنه أو تحت المعاملة السفهية قوله والمنفعة النادرة لو جوزت المعارضة لزم منه جواز معاوضة كل شيء والتداوي بها لبعض الأوجاع لا يوجب قياسها على الأدوية والعقاقير لأنه يوجب قياس كل شيء عليها للانتفاع به في بعض الأوقات فلا يبقى شيء قابل للتحريم الفرق بينه وبين العقاقير واضح لأن منفعة نادرة بخلاف العقاقير فان منافعها مهمة مقصودة عامة أي تجري بالنسبة إلى أمراض كثيرة الا ان الابتلاء باستعمالها وشربها قليل بالنسبة إلى المأكولات والمشروبات المتعارفة وليست نفس المنفعة نادرة فيها بخلاف البول فإن منفعة المقصودة هي الشرب وهو محرم وغيره منفعة نادرة وبهذا يندفع ما ذكره صاحب الجواهر ( رحمه الله ) من ان الاستغناء عنها غالبا لا ينافي جواز التكسب بها عند الحاجة إليها واتخاذها ما لا وندرة المنفعة المرادة منه لا تقتضي عدم جواز التكسب بها والا لم يجز التكسب بأكثر العقاقير انتهى ويؤيد القول بعدم الجواز عدم عده مالا حتى بحسب العرف ولهذا لا يتحقق فيه الغصب والسرقة والضمان ونحوها وما عن كشف الرموز من نسبة عدم الجواز إلى عموم الروايات الواردة بالمنع قوله ومن ان المنفعة الظاهرة ولو عند الضرورة المسوغة للشرب كافية هذا إشارة إلى مدرك القول بالجوار وهو المحكي عن ابن إدريس ( رحمه الله ) والعلامة ( رحمه الله ) في المختلف والتحرير والابى ؟ ؟ ؟ والشهيدين ( رحمه الله ) والمراد بالمنفعة الظاهرة هي المنفعة المتعارفة عند العقلاء لكن لا يشترط عند أرباب هذا القول تعارفها في حال الاختيار بل يكفى تعارفها عند الضرورة وبهذا البيان يصح قوله والفرق بينها وبين ذي المنفعة الغير المقصودة حكم العرف بأنه لا منفعة فيه وذلك لان المراد بالمنفعة الغير المقصودة ما هو غير مقصود لمتعارف العقلاء ثم ان في هذه المسئلة قولا ثالثا وهو ما ذهب إليه المحقق الثاني ( رحمه الله ) في جامع المقاصد حيث قال عند قول العلامة ( رحمه الله ) والأقرب في أبوال ما يؤكل لحمه التحريم للاستخباث الا بول الإبل للاستشفاء ومال ( المصنف ) ( رحمه الله ) في المنتهى والمختلف إلى جواز بيعها وحكاه عن المرتضى ( رضي الله عنه ) مدعيا فيه الإجماع والأصح الجوان ان فرض لها نفع مقصود محلل اما بول الإبل فيجوز بيعه إجماعا انتهى ولكن كلامه محتمل لوجهين أحدهما انه ان فرض لها نفع مقصود محال جاز بيعها نوعا ولا يناط الجواز ( حينئذ ) بخصوص الأشخاص فيجوز البيع وان انتفى النفع المذكور عن خصوص الشخص الذي يراد بيعه وثانيهما ان كل فرد من إفرادها فرض له نفع مقصود محلل جاز بيعه وكل فرد لم يكن له ذلك النفع لم يجز بيعه فيناط جواز البيع بالنفع الموجود في خصوص الأشخاص وجودا وعدما وليس في كلامه ما ما يرجح أحد الوجهين المحتملين على الأخر وهو أبصر بمراده تنبيه على القول بحرمة شرب الأبوال الموصوفة كما اخترناه يجري في تحريم اللبن ونحوه ممّا يمتزج معها على وجه يخرجها عن صدق اسم البول وجوه أحدها عدم الحرمة لإناطتها بالبول والموجود الذي حصل من تركبه مع غيره ليس بولا وحكى القول بهذا الوجه عن غير واحد من المتأخرين للأصل وعدم اندراجه في دليل المنع ان لم يندرج في دليل الحلّ واختاره بعض المعاصرين أيده اللَّه تعالى وثانيها الحرمة لأن ما تعلق به التحريم موجود في ضمن المركب الخارجي واقعا ومعلوم لنا وجوده قطعا وان اختفى على الحس وثالثها نفيها عن خصوص الممتزج
13
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 13