نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 110
على وجه الإحباط أو لاضمحلال ثوابها في جنب عقابه أو لأنها تنقل الحسنات إلى المغتاب كما في غير واحد من الاخبار اعلم ان حبط الأعمال عبارة عن بطلان وإحباطها عبارة عن ابطالها ولهذا قيل في تفسير قوله ( تعالى ) « حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ » أي بطلت وفي تفسير قوله تعالى « فَأَحْبَطَ الله أَعْمالَهُمْ » أبطلها ولم يوجر عليها قال في الأنوار في طي أحوال القيمة الكبرى ما لفظه المؤمنون يجوز أن يكون ميزانهم هو عدل اللَّه تعالى والأنبياء فإذا قالوا لهم هذه حسناتكم وهذه سيئاتكم وهذا أرجح من هذا لم يتهموا اللَّه ولا ملائكته الكاتبين واما المنافقون والكافرون فميزان أعمالهم ميزان موجود في أرض القيمة له كفتان فيوزن به أعمالهم لينظروا إليها بأعينهم ويعرفوا مقدار الراجح من المرجوح إلى ان قال فإذا ورثت الأعمال بواحد من الميزانين وقع الإحباط وقد نقاه أكثر أصحابنا رضوان اللَّه عليهم تبعا للحاجة نصير الدين الطوسي ( رحمه الله ) وقبل الكلام لا بد من تعريفه ليتضح حقيقة الحال فنقول له ثلث تعاريف أوّلها ما قاله المعتزلة من ان معناه إسقاط الثواب المتقدم بالمعصية المتأخرة وتكفير الذنوب المتقدمة بالطاعات المتأخرة وثانيها قول أبي علي الجبائي من ان المتأخر يسقط المتقدم ويبقى هو على حاله وثالثها ما ذهب إليه أبو هاشم من ان الإحباط هو الموازنة وهو ان ينتفي الأقل بالأكثر وينتفي من الأكثر بالأقل ما ساواه ويبقى الزائد مستحقا وهذا المعنى مما لا ينبغي الشك في صحته كما لا ينبغي الشك في بطلان القولين الأولين لاستلزامهما الظلم على العدل تعالى اللَّه عنه علوا كبيرا والآيات والاخبار دالة عليه قال اللَّه تعالى « يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ ولا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ » وقول الإمام ( عليه السلام ) لامرأته هذا المكان الذي أحبط اللَّه فيه حجتك العام الأول وقوله ( عليه السلام ) من قبل غلاما بشهوة أحبط اللَّه منه عمل أربعين سنة إلى غير ذلك من الاخبار وقد استدل المتكلمون من أصحابنا ( رضي الله عنه ) بقوله ( تعالى ) « فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ ومَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ » وهذا الاستدلال كما ترى وذلك انه إذا كان الإحباط على ما قلناه يكون قد رأى العملين الخير والشر هذا وهو ظاهر والعجب من محققي أصحابنا ( رضي الله عنه ) كيف اتفقوا على بطلانه مع دلالة الاخبار والأحاديث عليه وعدم منافاته للدلائل العقلية انتهى وفي مجمع البحرين ان بعض المحققين انه قال استحقاق الثواب مشروط بالموافاة لقوله ( تعالى ) « لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ » ولقوله ( تعالى ) « ومَنْ يَرْتَدِدْ مِنْكُمْ عَنْ دِينِهِ فَيَمُتْ وهُوَ كافِرٌ » الآية وقوله ( تعالى ) « فَأُولئِكَ حَبِطَتْ أَعْمالُهُمْ فِي الدُّنْيا والآخِرَةِ وأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ » فمن كان من أهل الموافاة ولم يلبس ايمانه بظلم كان ممن يستحق الثواب الدائم ( مطلقا ) ومن كان من أهل الكفر ومات على ذلك استحق العقاب الدائم ( مطلقا ) ومن كان ممن خلط عملا صالحا وأخر سيئا فان وافى بالتوبة استحق الثواب ( مطلقا ) وان لم يواف بها فاما ان يستحق ثواب ايمانه أولا والثاني باطل لقوله ( تعالى ) « فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ » فتعين الأول فاما ان يثاب ثم يعاقب وهو باطل بالإجماع لان من يدخل الجنة لا يخرج منها ( فحينئذ ) يلزم بطلان العقاب أو يعاقب ثم يثاب وهو المطلوب ولقوله ( عليه السلام ) في حق هؤلاء يخرجون من النار كالحمم أو كالفحم فيراهم أهل الجنة فيقولون هؤلاء الجهنميون فيؤمر بهم فيغمسون في عين الحيوان فيخرجون واحدهم كالبدر ليلة تمامه وبما قررناه يتبين أن الإحباط والموازنة باطلان وذلك ان الوعيدية وهم الذين لا يجوزون العفو عن الكبيرة اختلفوا على قولين أحدهما قول أبي علي وهو ان الاستحقاق الزائد يسقط الناقص ويبقى بكماله كما لو كان أحد الاستحقاقين خمسة والأخر عشرة فإن الخمسة تسقط وتبقى العشرة ويسمى الإحباط وثانيهما قول أبي هاشم ابنه وهو ان يسقط من الزائد ما قابل الناقص ويبقى الباقي ففي المثال المذكور يسقط خمسة ويبقى خمسة ويسمى بالموازنة وقد أبطلهما المحققون من المتكلمين بان ذلك موقوف على بيان وجود الإضافات في الخارج كالإخوة والبنوّة وعدمها فقال المتكلمون بالعدم لأنها لو كانت موجودة في الخارج مع انها عرض مفتقرة إلى محل يكون لها إضافة إلى ذلك المحل فنقول فيها كما قلنا في الأول ويلزم التسلسل وهو باطل ويلزم منه بطلانها في الخارج لان ما بنى على الباطل باطل وقول الحكماء بوجودها لا يلزم الوجود الخارجي بل الذهني وتحقيق البحث في محله ولو قيل ببطلان الإحباط والموازنة والقول بالتكفير من باب العفو والتفضل لم يكن بعيدا وظواهر الأدلة تؤيده انتهى وإذ قد عرفت معنى الإحباط ظهر لك الفرق بين الأمور الثلاثة التي ذكرها ( المصنف ) ( رحمه الله ) توجيها لأكل الغيبة للحسنات فالاحباط ما عرفت واضمحلال ثواب الحسنات في جنب عقاب الغيبة عبارة عن ان عقاب الغيبة صار من العظم بحيث يرى ثواب الحسنات في جنبه قليلا عند الناظر ونقل الحسنات إلى المغتاب عبارة عن كتابتها في صحيفة اعمال من اغتيب وهو غير الإحباط لأنه عبارة عن الموازنة بين السابق واللاحق من الأعمال والاسقاط السابق في يوم القيمة في مقام المجازاة قوله وفيها عن النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أدنى الكفر ان يسمع الرجل من أخيه كلمة فيحفظها عليه يريد أن يفضحه بها أولئك لا خلاق لهم هذا الدليل أخص من المدعى لعدم دلالته على حكم من ذكر شيئا من مساوي أخيه من دون قصد في حال السماع إلى ذكرها لكن لا بأس بذلك بعد وجود الأدلة والاخبار الأخر بل عدم القول بالفصل قوله وحدثني أبى عن أبيه عن آبائه عن على ( عليه السلام ) انه من قال في مؤمن ما رأته عيناه أو سمعته أذناه ممّا يشينه ويهدم مروته فهو من الذين قال اللَّه تعالى « إِنَّ الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ » ( انتهى ) ( الظاهر ) ان هذا الحديث جزء من رواية عبد اللَّه بن سليمان النوفلي واما الاستشهاد بالآية فيمكن أن يكون من باب الإلحاق الحكمي أو يكون من باب الإشارة إلى بعض البطون فتدبر قوله ثم ظاهر هذه الاخبار كون الغيبة من الكبائر كما ذكره جماعة بل أشد من بعضها وعد في غير واحد من الاخبار من الكبائر الخيانة ويمكن إرجاع الغيبة إليها فأي خيانة أعظم من التفكه بلحم الأخ على غفلة منه وعدم شعور أنكر بعض مشايخنا الملازمة بين عدّ الخيانة من الكبائر وبين عدّ الغيبة منها كما أنكر استجماع الخبر الذي تضمن عدّ الخيانة من الكبائر لشرائط العمل به والفتوى بمضمونه ثم انه استشكل في أصل كون الغيبة من الكبائر بناء على ما هو المشهور من انها عبارة عما توعد اللَّه عليها النار في الكتاب العزيز بل بناء على الاكتفاء بأحد الأمرين من التوعد عليه بالنار في الكتاب والتوعد عليه بها في السّنة القطعية وذلك لان ما يصلح للدلالة على ذلك من الكتاب آيتان إحديهما قوله ( تعالى ) « وَيْلٌ لِكُلِّ هُمَزَةٍ لُمَزَةٍ » وقد فسره على بن إبراهيم فيما حكى عنه بما لفظه الهمزة الذي يغمز الناس ويستحقر الفقراء واللمزة الذي يلوى عنقه ورأسه ويغضب إذا رأى فقير أو سائلا مع انه تعالى قد فسره بقوله الذي جمع مالا وعدده واما الخبر المتضمن لتفسير الهمزة بالطعان في الناس واللمزة بالذي يأكل لحوم الناس فهو مع كونه من اخبار الآحاد معارض بما سمعت الثانية قوله ( تعالى ) « الَّذِينَ يُحِبُّونَ أَنْ تَشِيعَ الْفاحِشَةُ فِي الَّذِينَ آمَنُوا » وقد فسّر الفاحشة فيه بالزنا والمساحقة وما يصلح من الاخبار للدلالة على التوعد عليها بالنار اخبار معدودة لا تنتهي إلى حد التواتر بل في بعض الاخبار ما يدل على نفى كونها من الكبائر فعن جابر انه قال كنا مع رسول اللَّه ( صلى الله عليه وآله وسلم ) فأتى قبرين يعذب صاحبهما فقال ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انهما لا يعذبان في كبيرة
110
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 110