نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 105
ومن يتق اللَّه يجعل له مخرجا الآية بارتكاب التقوى والتوكل أو المراد إقنعوا بالقرآن عن تحصيل الدنيا المذمومة أو احفظوا أنفسكم عن الخفة والاستخفاف بالقرآن فتأمل واستدل ( أيضا ) ما روى في الفقيه ان رجا سئل على بن الحسين ( عليه السلام ) عن شراء جارية لها صوت فقال ما عليك لو اشتريتها فذكرتك الجنّة والسّند كما ترى وكذا الدلالة مع انّها لو تمت لا اختصاص له بالقرآن قال في الفقيه بعد الرواية يعني بقراءة القران والزهد والفضائل التي ليست بغناء وامّا الغناء فمحظور انتهى هذا كلامه ( رحمه الله ) وحكى عن صاحب الكفاية ( رحمه الله ) الحكم باستحباب التغني بالقرآن وقد اشتمل كلام المحقق المذكور على انفراده في الحكم بالجواز ولكن قد يستظهر من المجمع وغيره ثم انه قد يحرر الاستدلال على ذلك والجواب عنه بوجوه أخر وهو ان حجة الجواز اما أن يكون هو الأصل مع عدم شمول الغناء التغني بالقرآن واما أن يكون هي النصوص الدالة على الترجيع بالقرآن وما يقرب منها ممّا تقدم وأنت خبير بعدم نهوض شيء منهما للدلالة على المطلوب امّا الأول فلأنه لا مجال لإنكار صدق الغناء عليه واما الثاني فلقصور تلك الاخبار عن معارضة العمومات الناهية عن الغناء من جهة اعتضاد دلالتها بالتصريح في بعضها بكون الغناء من الباطل ومن لهو الحديث وقول الزور المفسر بالباطل كما عرفت بيان ذلك وبالعقل على مذاق من يرى استقلاله بل هو بنفسه دليل مستقل على مذاقه وإنكار شمولها للغناء في القران مكابرة واعتضاد أسانيدها بالشهرة مضافا إلى الاخبار الخاصة كرواية ابن سنان المتقدم ذكرها المشتمل على قوله ( عليه السلام ) فإنه سيجيء بعدي أقوام يرجعون القران ترجيع الغناء وما عن تفسير على بن إبراهيم مسندا إلى النبي ( صلى الله عليه وآله وسلم ) انه قال من أشراط السّاعة إضاعة الصّلوة وأطباع الشهوات والميل إلى الأهواء فعندها يكون أقوام يتعلمون القران لغير اللَّه ويتخذونه مزامير ويتغنون بالقرآن أولئك يدعون في ملكوت السّموات الأرجاس الأنجاس ومن هنا يعلم ان لا مجال للتمسك بالأصل مضافا إلى ما عرفت الإشارة إليه في التنبيهات السّابقة من ابتناء الأصل على عدم دلالة الأخبار الناطقة بحرمة الغناء بقول ( مطلقا ) على العموم والا فيصير مقتضى الأصل حرمة الغناء ويحتاج الاستثناء إلى دليل خاص مخرج قوله بناء على دلالة الروايات على استحباب حسن الصّوت والتحزين والترجيع يعنى بناء على كون الروايات التي يستفاد منها مدح الأمور المذكورة مسوقة لبيان استحبابها الشرعي لا مجرّد كونها أمور مرغوبة في أنظار أهل العقول أو عند الشّارع على وجه لا يبلغ درجة المطلوبية قوله و ( الظاهر ) ان شيئا منها لا يوجد بدون الغناء يعنى ان شيئا من حسن الصوت والتحزين به والترجيع به لا يوجد بدون الغناء ولكنك خبير بما يتوجه عليه من المنع قوله بل ظاهر أكثر كلمات المحدث الكاشاني ( رحمه الله ) ( أيضا ) ذلك لأنه في مقام نفى التحريم عن الصوت الحسن المذكور لأمور الآخرة المنسي لشهوات الدنيا فيه انه ليس في كلام المحدث المذكور من ذكر الصّوت الحسن عين ولا أثر والعبارة التي ساقها لبيان هذا المدعي الذي أشار إليه ( المصنف ) ( رحمه الله ) مصدرة بلفظ التغني حيث قال لا بأس بالتغنّي بالاشعار المتضمنة بذكر الجنة والنار ( انتهى ) ومعلوم ان لفظ التغني لو لم يكن ظاهرا في المشتمل على الترجيع ونحوه فليس ظاهرا في مجرد الصّوت الحسن الخالي عن ذلك فافهم قوله لكن المنصف لا يرفع اليد عن الإطلاقات لأجل هذا الاشعار خصوصا مع معارضته بما هو كالصّريح في حرمة غناء المغنية ولو لخصوص مولاها كما تقدم من قوله ( عليه السلام ) قد تكون للرجل الجارية تلهيه وما ثمنها إلا ثمن الكلب فتأمل ( الظاهر ) ان الأمر بالتأمل للإشارة إلى ان معارضة الحديث المذكور بما دل على حرمة غناء المغنية ولو لخصوص مولاها مبنية على إطلاق دعوى المحدث المذكور إباحة الغناء الخالي عن اقتران الملهيات به فلا تكون تلك المعارضة سببا لسقوط الاستدلال بما دل على جواز غناء المغنية في الأعراس على استثنائه من حكم حرمة الغناء كما فعله الأكثر وذلك لعدم معارضته بالنسبة إلى مورده الذي هو عبارة عن غناء الأعراس بما دل على حرمة غناء المغنية لموليها لتغاير الموردين فيصح أن يكون أحدهما في حد ذاته محكوما عليه بالحرمة والأخر محكوما عليه بالإباحة قوله وامّا الثالث وهو اختصاص الحرمة ببعض افراد الموضوع فقد حكى في جامع المقاصد قولا باستثناء الغناء في المراثي اعلم ان استثناء الغناء في المراثي وان حكى قولا الا ان المولى المحقق البهبهاني ( رحمه الله ) قد حكم بشذوذه في حواشي المسالك وقال المحقق الأردبيلي ( رحمه الله ) بعد الكلام على استثناء الحداء وغناء المغنية في الأعراس ما نصه وقد استثنى مراثي الحسين ( عليه السلام ) ( أيضا ) ودليله ( أيضا ) غير واضح ولعل دليل الكل انه ما ثبت الإجماع إلا في غيرها والأخبار ليست بصحيحة صريحة في التحريم ( مطلقا ) والأصل الجواز فما ثبت تحريمه يحرمه والباقي يبقى فتأمل فيه ثم قال ويؤيده ان البكاء والتفجع عليه ( عليه السلام ) مطلوب ومرغوب وفيه ثواب عظيم والغناء معين على ذلك وانّه متعارف دائما في بلاد المسلمين في زمن المشايخ إلى زماننا هذا من غير نكير وهو يدل على الجواز غالبا ويؤيده جواز النياحة بالغناء وجواز أخذ الأجرة عليها الصحيحة أبي بصير قال قال أبو عبد اللَّه ( عليه السلام ) لا بأس بأجر النائحة التي تنوح على الميت ورواية حنان بن سدير قال كانت امرأة معنا في الحي ولها جارية نائحة فجائت إلى أبى فقالت يا عم أنت تعلم أن معيشتي من اللَّه ثم من هذه الجارية النائحة وقد أحببت أن تسئل أبا عبد اللَّه ( عليه السلام ) عن ذلك فان كان حلالا والَّا بعتها وأكلت من ثمنها حتى يأتي اللَّه عز وجل بالفرج فقال لها أبى واللَّه إني لأعظم أبا عبد اللَّه ( عليه السلام ) عن ان أسئله عن هذه المسئلة قال فلما قدمنا عليه أخبرته أنا بذلك فقال أبو عبد اللَّه ( عليه السلام ) أتشارط قلت واللَّه ما أدرى تشارط أم لا قال قل لها لا تشارط وتقبل كل ما أعطيت ولا يضر القول في حنّان بأنه واقفي وعدم التصريح بتوثيقه وحمل مضمرة سماعة قال سألته عن كسب المغنية والنائحة فكرهه على الكراهة مع الشرط للجمع إلى ان قال ويؤيده ان التحريم للطرب على ( الظاهر ) ولهذا قيد بالمطرب وليس في المراثي الطرب بل ليس الا الحزن وأكثر هذا يجري في استثناء مطلق المراثي وكأنه ترك للظهور وبالجملة عدم ظهور دليل التحريم به والأصل وأدلة جواز النياحة ( مطلقا ) بحيث يشمل الغناء بل ( الظاهر ) انها لا تكون الا معه يفيد الجواز واللَّه يعلم انتهى و ( الظاهر ) ان المولى المحقق البهبهاني ( رحمه الله ) في حواشي ( المسالك ) أشار إلى ما ذكره أولا من الدّليل حيث قال وربما استدل بعض بعموم ما دل على فضيلة البكاء والإبكاء وان بين هذا العموم وعموم حرمة الغناء عموما من وجه يصحّ تخصيص كل منهما بالآخر والأصل الجواز انتهى وفي المستند أيد القول بالجواز بعد التمسك بالأصل وتأييده بعمل الناس في الأعصار والأمصار من غير نكير بقول الصادق ( عليه السلام ) لمن انشد عنده مرثية اقرأ كما عندكم أي بالعراق وربما كان له سابق فان المولى المحقق البهبهاني ( رحمه الله ) قال في حواشي ( المسالك ) ومنهم من استثنى مراثي الحسين ( عليه السلام ) ودليله غير ظاهر وربما اعتذر بان الصادق ( عليه السلام ) قال لمنشد يقرء مراثيه عنده اقرأ كما انك تقرء عندك أي بالعراق انتهى وبأنه معين على البكاء فهو إعانة على الخبر والقول بان المسلم هو إعانة الغناء على مطلق
105
نام کتاب : غاية الآمال ( ط.ق ) نویسنده : المامقاني جلد : 1 صفحه : 105