كتب الرجال ، على أن التميز من الأحوال ، إلا أن يراد بها خصوص وصفي المدح والقدح . وخرج بقيد التشخيص علم الدراية الباحث فيه عن سند الحديث جملته ومتنه وكيفية تحمله وآدابه ، إذ البحث عن السند ليس بعنوان تشخيص الرواة ، بل بالإشارة إلى بيان تقسيم الحديث من جهة السند إلى الأقسام الأربعة . وليس يعلم منه تشخيص حال الراوي أصلا ، بل هو خارج أيضا من التعريف الآتي ، وان لم يكن بوضوح خروجه منه إذ لا يعرف أحوال الرواة الا على سبيل الاجمال ، الذي لا يفيد إلا الوقوف بأن فيهم العدل الضابط الامامي وغيره . فالاحتراز عنه في الحقيقة انما هو بالنظر إلى المضاف والمضاف إليه ، لا الأول فقط بل قيل : إنه بالمضاف إليه ، إلا أن الاختصاص الحاصل به غير منفك عنه ، هكذا أجاده بعض الأجلة من المعاصرين . وقد يعرف بأنه العلم بأحوال رواة الخبر الواحد ذاتا ووصفا ، مدحا وقدحا وما في حكمهما ، وقد مر ما فيه ، مضافا إلى أن في جعل الذات من الأحوال ما ترى . وقد يعرف بأنه ما يبحث فيه من أحوال الراوي من حيث اتصافه بشرائط قبول الخبر وعدمه . واستحسنه بعض وقال : انه مانع وجامع لجميع مسائل هذا العلم ، مما كان له تعلق بذات الخبر أولا وبالذات ، وبالخبر ثانيا وبالعرض ، كقولهم بأن فلانا عدل أو فاسق ، لاقى فلانا أو لم يلاقه أو بالعكس . والأول أسد وإن كان الظاهر أن كل حد لا يسلم عن الاعتراض ، ومع ذلك لا ثمرة في الخوض في التعاريف بعد تشخيص المطلب . وكيف كان فالفرق بين علم الدراية وبينه ، أن هذا العلم في بيان أحوال الجزئيات الشخصية من الرواة ، ولذا قد يقال : إن عده في عداد العلوم ليس كما ينبغي ، إذ العلوم الحقيقة ما يستفاد منها قواعد كلية يقتدر بها على معرفة الجزئيات الغير المحصورة ، ويحتاج إلى النظر واعمال القوة . وليس هذا العلم بهذه المثابة لعدم استناد