القادح والمناقش ، وتضعيف المحقّق لابن بكير لأجل كونه فطحيّاً كما نصَّ عليه الشيخ والكشّي ، وهذا لا ينافي الوثاقة المصطلحة بمعنى التحرّز عن الكذب ، وعندي أنَّ هذا الكلام يدلّ على الوثاقة وأعلى ، والأخبار المروية عن هؤلاء بطريق صحيح لا تقصر عن أكثر الصحاح وإن كان ما قبله مجهولًا أو مرسلًا ، بل وضعيفاً . ومنه قولهم : ( عين ) و ( وجه ) ، قيل : هما يفيدان التوثيق ، لأنَّ ظاهر استعارة العين بمعنى الميزان له باعتبار صدقه ، كما سمّى الصادق عليه السلام إبراهيم بن نعيم العبدي ، أبا الصباح الكناني بالميزان ، وكذا ( وجه ) باعتبار أنَّهم يتوجَّهون إليه لأخذ الأخبار ، ولمّا كان دأب علمائنا السابقين أن لا ينقلوا إلا عمَّن كان في غاية الوثاقة لزم أن يكون كلّ من يتوجه إليه لأخذ الأخبار ثقة ، والحق أنَّ كليهما لا يفيد الوثاقة ، بل مدحاً معتدّاً به ، وأعلى منه ما إذا قال : ( وجه من وجوه أصحابنا ) نعم ، لو قال : ( أوجه من فلان ) مكان ( فلان ثقة ) دلَّ على الوثاقة وأعلى ، كما سيأتي في الحسين بن أبي العلاء الخفّاف ، حيث قالوا : إنَّه أوجه من أخيه عبد الحميد وهو ثقة ، فيكون ذلك ثقة بل أوثق . ومنه قولهم والأكثر في كلام البرقي : ( من الأولياء من أصحاب أمير المؤمنين عليه السلام ) والظاهر دلالته على التعديل دون قولهم : من أولياء أمير المؤمنين عليه السلام وكذا غيره من الأئمة عليهم السلام ، لأنَّ الإطلاق يفيد تعظيماً لا يفيده التقييد كما لا يخفى ، فتدبَّر . ومنه قولهم : ( مشكور ) والظاهر أنَّه في أعلى درجات الجلالة والوثاقة ، لإطلاقه على الأركان والعظماء مثل سلمان الفارسي وأبي ذرٍّ وميثم التمار وأشباههم رضوان اللَّه عليهم .