419 - 501 ) مع المناقشة الضافية . إنّ الاهتمام بأمر " الضعفاء " تَبدو فائدته جليّة على منهج القدماء ، حيث إنّ وجود الطعن ، يعني عدم الثقة ، وانتفاؤه يعني الثقة ، إطلاقاً وتقييداً ، كما شرحنا . وإذا انحصر عدد الضعفاء في مقدار معيّن ، فإنّ " أصالة الوثاقة في المؤمن " تكون فاعلةً مؤثّرة ، في مَنْ ثبت انتماؤه المذهبيّ إلى الإماميّة ، وبهذا نتمكّن من تمييز وثاقة مجموعة كبيرة من الرواة ، ولا نقف على المأزق الّذي يدفعنا إلى التشبّث بالتوثيقات العامّة المتعمّلَة ، والّتي قد ينكشف عوارها بعد حين ، وتقلب الأحكام وتغيّر الفتاوى ، وتُظهر الفضائح . إنّ المنهج القويم الّذي التزمه القدماء في التوثيق والتضعيف والمبنيّ على أُسس علميّة رصينة ، وسارت عليها الطائفة في تحمّلها طوال القرون وتعاقب الأجيال ، لهو أقربُ الطرق الموصِلة إلى معارف أهل البيت ( عليهم السلام ) عقيدةً وفقهاً . وهو الّذي التزمه ابن الغضائريّ وألّف على أساسه كتابه العظيم هذا ، سالكاً فيه مسلك العلم والاحتياط للعلم والدين ، فرحمه الله وإيّانا وجميع العُلماء والمؤمنين . عمل ابن الغضائريّ لا ريب أنّ ابن الغضائريّ - وهو زميل النجاشيّ والشيخ الطوسيّ - هو مثلهما في عدم المعاصرة لأكثر الرواة الّذين ذكروهم في كتبهم ، وإنّما اعتمدوا في ما ذكروه من أحوالهم ، على ما أخذوه من المشهور بين علماء الرجال عند الطائفة ، وأقربهم إليهم أبوه الحسين الغضائريّ الّذي اشتهر بالمعرفة بالرجال . فما أورده المؤلّف في كتابه من عبارات الجرح والتعديل ، إذا كانت مطلقة غير مسندة إلى أحد ، فحكمها حكم ما أطلقاه الطوسيّ والنجاشيّ ، محمولةً على أنّ ذلك هو المعروف عند الطائفة .