يدل على مدى اهتمام علماء ذلك العصر بالوفود على هذا الشيخ الذي ملا الدنيا علما وثقافة . ويبدو من كثير من الإجازات التي كتبها العلامة المجلسي والكتب المقروءة عليه الموجودة نسخها المخطوطة في بعض المكتبات العامة والخاصة ، أنه كان يلقي على تلامذته محاضرات علمية في مختلف الفنون والعلوم ، فان بعضهم قرأ عليه الأدب والتفسير والكلام والفقه والحديث ، بل بعضهم نشأ عليه منذ البدايات الدراسية إلى المراحل العالية التي كانت معهودة في الحوزات آنذاك . الإجازات الموجودة الآن تدل على أنه كان مدرسا معروفا منذ نحو سنة 1070 ، وبقي مستمرا في التدريس إلى أيامه الأخيرة بالرغم من كثرة مسؤولياته بسبب زعامته الدينية التي غطت دنيا الشيعة في ذلك العصر ، لا تمنعه الشواغل الاجتماعية عن تربية جيل ممتاز من العلماء والمبرزين في الميادين الثقافية . ومع تدريسه في سائر الفنون والعلوم كان اهتمامه الأكبر منصبا على تدريس الحديث وعلومه ساعيا في احياء آثار أهل البيت عليهم السلام ، لأنه يرى أن الحديث هو الأصل في معرفة المبادئ الدينية والفروض الإلهية وما فيه صلاح الدنيا والآخرة ، ومن طريق آل الرسول صلى الله عليه وآله وحده يجد المسلم الملتزم بدينه سبيل الرشاد ويتدرع عن الغي والفساد ، فهو المنبع الأصيل الذي يجب احياء معالمه وتركيز دعائمه . وقد وجدت - وأنا أجمع إجازات العلامة المجلسي في كتاب خاص - معلومات هامة عن هؤلاء التلامذة تلقي بعض الضوء على حياة جماعة منهم وتدل على مدى موقعهم الممتاز لدى أستاذهم ، حرصت على تدوينها وصونها عن الضياع لكي تكون مادة جديدة لدارسي هذا الطود الشامخ . * * * عقد المحدث الكبير الحاج ميرزا حسين النوري فصلا خاصا بتلامذة العلامة