بأنهم حيث ضموا العلم إلى الأيمان وحازوا كلتا الشرافتين وتحلوا بكلتا السعادتين استحقوا رفايع الدرجات وعظايم الرتبات ( 1 ) أزيد مما يستحقه المؤمن الغير العالم . وأتى بها مجموعة منكرة ايذانا بأن لكل واحد منهم درجة بعد درجة عظائم فخائم لا يعلم كنهها الا هو . والقول بأن الجمع يحتمل أن يكون للتوزيع - بأن يكون لكل منهم درجة - لا يلائمه المقام ولا يستحسنه ذوو الأحلام . روي أن سيدنا ومولانا أبا محمد الحسن بن علي العسكري عليهما السلام كان ذات يوم جالسا في بيت وعلى أعلى البيت دست ( 2 ) مسند ، وكان عليه السلام منحازا عنه ، وعلى يمين المسند سادات عباسيون وعلى يساره سادات علويون ، إذ دخل البيت رجل من أهل العلم ، فرحب عليه السلام به وأجلسه على المسند ، فعسر ذلك على السادات وضاق الأمر عليهم ، ولم يجسر ( 3 ) العلويون أن يتكلموا معه عليه السلام احتشاما له واجترأ العباسيون فأنكروه عليه ، فقال عليه السلام : هذا الرجل خاصم أمس ناصبيا فغلب عليه بالحجة فاستحق بذلك لذلك وقد قال الله تعالى " يرفع الله الذين آمنوا منكم والذين أوتوا العلم درجات " . فعادوا وقالوا : ان الشرفاء في كل زمان كانوا يقدمون على العوام . فقال عليه السلام : ألم يكن عبد الله بن عباس شريفا وعمر بن الخطاب عاميا ؟ قالوا : بلى . فقال عليه السلام : فكيف كان عمر يركب حماره وعبد الله بن عباس يمشي معه راجلا . فبهتوا وسكتوا ( 4 ) .
1 ) لعل الصحيح " الرتب " لولا رعاية السجع . 2 ) الدست : الوسادة تجعل للتكأة . 3 ) في ر " ولم يجسروا " . 4 ) تفسير البرهان 4 / 305 مع تفصيل أكثر مما هنا .