نام کتاب : بحوث في مباني علم الرجال نویسنده : محمد صالح التبريزي جلد : 1 صفحه : 37
ما يذكر من شواهد لدعوى الأخباريين من صحّة كلّ ما في الكتب الروائية ، فإنّ شواهد الدعوى الأُخرى وان كانت تامّة في نفسها إلاّ أنّها لا تثبت الدعوى المتقدّمة ، بل هي موجبة لانحلال شواهد الدعوى الأولى بوجود العلم الإجمالي بوقوع التدليس . وعليه فتسقط كلتا الدعويين ويكون المدار على صحّة السند حينئذ ، وليس ذلك من باب التساقط عند الشك والتعارض ، بل لتولّد العلم التفصيلي اللاحق بانحلال العلم الإجمالي المزبور ، أي العلم بوقوع الغربلة والتصفية والمقابلة والتثبّت والتشدّد لكلّ روايات الأصول الأربعمائة وكتب المجاميع بعدها بعرضها أمّا على الأئمّة ( عليهم السلام ) أو على ما استفاض من رواياتهم ( عليهم السلام ) بحيث طُرح كلّ ما علم بتدليسه أو وقع ضمن دائرة العلم بحسب الموارد والأبواب . وأمّا الشواهد على تولّد العلم التفصيلي فملخّصها هو ما وقع من تشدد القميين إلى الغاية ، بل قد أفرطوا في ذلك في صيانة النقل ، حيث كانوا يخرجون من ( قم ) كلّ من يروي عن الضعفاء والمجاهيل ، وإن لم يُعلم أنّ تلك الرواية مدلّسة أو مدسوسة ، فهذا البرقي الجليل قد أخرجوه وغيره من عشرات الرواة الأجلاّء ، وكذا ما استثنوه من كتاب نوادر محمّد بن أحمد بن يحيى الأشعري ، الموسوم كتابه ( بدبّة شبيب ) ، وغيرها من الكتب التي استثنوا كثيراً من رواياتها تصلّباً منهم في تنقية الحديث ، وكم من راو ضعّفوه وهجروا روايته لمجرّد دعواهم الغلوّ في حقّه مع أنّ مبناهم في حدّ الغلوّ - ضابطته - إفراط من القول ، كما ذكر ذلك عامّة متأخّري هذه الأعصار ، وهذا التشدّد في الوقت الذي أوجب عمليّة تصفية وتنقية في الحوزات الروائية الحديثية ، وأوجب ظاهرة المداقّة المتناهية في غربلة طرق الحديث ، إلاّ أنّه في الوقت نفسه أوجب ضياع جزء من التراث الروائي .
37
نام کتاب : بحوث في مباني علم الرجال نویسنده : محمد صالح التبريزي جلد : 1 صفحه : 37