مسلكَ قدماء الأصحاب وساعد عليه الدليل والاعتبار واخترناه - ممّا لا ينبغي التأمّل فيه على وجه الموجبة الجزئيّة . ولا يضرّ في مسلكنا العموماتُ الناهية عن العمل بالظنّ ومنطوقُ قوله تعالى : ( إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَأ ) ( 1 ) فإنّ العامّ يخصَّص ، والمطلقَ يقيّد بما تحقّق من قيام الإجماع من أصحاب الأئمّة وقدماء الأصحاب والسيرة المستمرّة وبناء العرف في الموالي والعبيد على الاعتماد على ما حصل لهم الوثوق بأنّه قولُ مَن يجب إطاعته واتّباعه . وكذا لا ريب في الحاجة إلى ذلك العلم على مسلك من يعتمد في حجّيّة الأخبار على مفهوم آية النبأ كما في جملة من الأصحاب . وكذا على المسلك الجديد بين الخاصّة من حجّيّة مطلق الظنّ في الأحكام الفرعيّة ؛ فإنّ غالب الأحكام ممّا يستفاد من الأخبار ، والحكم المستفاد من الشهرة فقط والاستقراءِ في غاية الندرة . ولا ريب في أنّ لمعرفة عدالة الراوي وعدمِها مدخليّةً تامّة في تحصيل الظنّ بالحكم الواقعي وعدمه . وما سبق من الاعتراض والجواب جاريان على هذا المسلك . وأمّا على مسلك من يعمل بالخبر المنسوب إلى المعصوم ( عليه السلام ) ولو لم يفد الظنّ بالحكم ولم يحصل الظنّ بالصدق - كما هو المنسوب إلى الحشويّة ( 2 ) - فلا ريب أنّ في الأخبار المنسوبة لزومَ الرجوع إلى رواية الأعدل ، فلابدّ له من التعبّد بذلك أيضاً ، فيتمّ المطلوب .
1 . الحجرات ( 49 ) : 6 . 2 . الحَشْويَّة طائفة يحشون الأحاديث التي لا أصل لها في الأحاديث المرويّة عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله وسلم ) أي يدخلونها فيها وليست منها وجميع الحشويّة يقولون بالجبر والتشبيه . ( الحور المعين : 204 ) . وهم الذين تعلّقوا بالأخبار والظواهر من غير المتميّزين صحيحَها وسقيمها وقد نسب هذه النسبة إلى طوائفَ من أهل السنّة والشيعة بهذه المناسبة .