وفي صحيحة عبد الله بن سنان قال : قلت : لأبي عبد الله ( عليه السلام ) يجيئني القوم فيستمعون منّي حديثكم ، فأضجر ولا أقوى . قال : " فاقرأ عليهم من أوّله حديثاً ومن وسطه حديثاً ( 1 ) ومن آخره حديثاً " ولعلّ في عدوله ( عليه السلام ) إلى قراءة هذه الأحاديث مع العجز دلالةً على أولويّته على قراءة الراوي ، وإلاّ لأمر بها ؛ فتدبّر . فيقول الراوي حينئذ - في مقام روايته ذلك المسموع لغيره - : " سمعت فلاناً " وهذه العبارة أعلى العبارات في تأديته المسموعَ ؛ لدلالته نصّاً على السماع الذي هو أعلى طرق التحمّل ، ثمّ بعدها أن يقول : " حدّثني " و " حدّثنا " ؛ لدلالتهما أيضاً على قراءة الشيخ عليه ، لكنّهما يحتملان الإجازة والكتابة ؛ لما عن بعض مِن إجازة الإخبار بهذه العبارة فيهما . وعن بعض المحدّثين أنّه كان يقول : " حدّثنا فلان " عند عدم استماعه واستماع أهل المدينة مريداً به ذلك التأويل . وقيل : هما أعلى من الأُولى ؛ لأنّه ليس في " سمعت " دلالةٌ على أنّ الشيخ روى له الحديث وخاطبه به ، وفي " حدّثنا " و " أخبرنا " دلالة على المخاطبة . وفيه : أنّ هذه وإن كانت مزيّةً إلاّ أنّ الخَطْب فيها أسهلُ من احتمال الإجازة والتدليس . ثمّ بعدهما أن يقول : " أخبرنا " ؛ لظهور الإخبار في القول ، ولكن لمكان استعماله في الإجازة والمكاتبة كثيراً كان أدونَ . ثمّ بعده " أنبأنا " و " نبّأنا " ؛ لغلبة هذه اللفظة في الإجازة . وأمّا قول الراوي : " قال لنا " و " ذكر لنا " فهو من قبيل " حدّثنا " فيكون أعلى من " أنبأنا " ؛ فتدبّر . لكنّه ينقص من " حدّثنا " ؛ لدلالته على كونه في مقام التحديث ، ودلالةُ قوله :