وفي حصول العلم الوجداني بذلك تأمّل واضح ؛ لأنّ مستند العلم إن كان الإستقراءَ في مراسيله بحيث وجدوا المحذوف ثقةً فلو كان ذلك في الكلّ كان الكلّ مسنداً ، وإن كان في الأغلب ففي موضع الشكّ لا يفيد الاستقراء إلاّ الظنّ . ولعلّ حصول القطع من مثل هذا الاستقراء مجرّد فرض . وإن كان حسنَ الظنّ بالمرسِل فمع عدم انحصاره فيمن ذكروه ، لا يفيد العلم . وإن كان إخبارَه بعدم الإرسال إلاّ عن ثقة فمع عدم وجود ذلك الإخبار ، كان مرجعه إلى الشهادة بعدالة الراوي المجهول ، وفي اعتبارها كلام . وظاهر كلام الأصحاب في مراسيل ابن أبي عمير هو الأوّل ، وقد عرفت أنّه لا يفيد العلم . وعلى مذاقنا لا غبار على العمل بمثل تلك المراسيل ؛ لحصول الوثوق بصدوره من المعصوم . وهذا أيضاً من الأمارات على أنّ مدار الأصحاب على ما اخترنا من المسلك ، لا ما يُتوهّم من ظاهر بعض كلماتهم . وربما يقال بحجّيّة المراسيل مطلقاً ، ونقل ذلك القول من جماعة من الجمهور إذا كان المرسِل ثقة . وعن المحصول ( 1 ) نقله من الأكثرين ، محتَجّين بأنّ الإخبار عن المعصوم لا يجوز إلاّ عند الظنّ بعدالة الواسطة ، وبأنّ علّة التثبّت هو الفسق ولم يعلم ، وضعف كلا الوجهين واضح . وطريق ما يعلم به الإرسال في الحديث قد يكون جليّاً بالعلم بعدم التلاقي بين الراوي والمرويّ عنه ؛ لعدم إدراك العصر أو عدم الاجتماع مع عدم وجود الوجادة ولا الإجازة عند إدراك العصر ، ومن ثَمَّ احتيج إلى التأريخ ، وقد افتضح أقوامٌ ادّعوا الرواية عن شيوخ ظهر بالتأريخ كذب دعواهم . وقد يكون خفيّاً كما لو عبّر الراوي في الرواية عن المرويّ عنه بصيغة