الفضل قبل وفاة العسكري بشهرين ، وبين فوته والجواد أربعون سنة ، فيلزم على هذا الاحتمال أن يروي المقدّم موتُه على موت الفضل بأزيدَ من أربعين سنة عنه ، وهو كما ترى . على أنّ الكليني - على الظاهر - لم يدرك الفضل ولم يَرْوِ عنه من غير واسطة ، فبأن لا يدرك ابنَ بزيع - الذي من رواته الفضلُ - أولى ، مضافاً إلى سائر القرائن ؛ فإنّ الكليني إنّما يروي عن ابن بزيع بواسطتين ، بل قد يروي عنه بوسائطَ ؛ فإنّ ابن بزيع بالنسبة إليه إمّا في الطبقة الرابعة ( 1 ) أو الثالثة ، والمفروض في المقام رواية الكليني عن محمّد بن إسماعيل ، مع أنّ ابن بزيع غالباً مذكور في الكافي باسم أبيه وجدّه ، فترك اسم الجدّ ممّا يوجب الظنّ بأنّه ليس هو ، فسقط الاستدلالان المذكوران ( 2 ) لهذا الاحتمال . وعن البهائي : أنّه البرمكي بقرينة أنّ الصدوق يروي عن الكليني بواسطة وعن البرمكي بواسطتين ، فيظهر بحسب الطبقة أنّه ذلك ، وأنّ الكشّي المعاصر لثقة الإسلام الكليني يروي عن البرمكي تارةً بواسطة وأُخرى بدونها ، فينبغي أن يكون هو ذلك ؛ ليشترك المعاصران في ذلك ؛ ولأنّ محمّد بن جعفر الأسدي - المعروفَ بأبي عبد الله الذي كان معاصرَ البرمكي - توفّي قبل وفاة الكليني ( رحمه الله ) بقريب من ستَّةَ عَشَرَ سنة ، فيقرب زمانه من زمان البرمكي جدّاً . ( 3 ) وليت شعري أنّ هذه الوجوه الثلاثةَ هل توجب جواز كونه البرمكيَّ أو تعيينَه ، والمدّعى هو الثاني ، والدليل يوافق الأوّل ؟ ! نعم ، لو كان رواية الصدوق عن البرمكي الراوي عن الفضل بواسطتين إحداهما الكليني ، لطابق الدليل المدّعى وهكذا . مضافاً إلى أنّ الكليني يروي عن البرمكي بواسطة محمّد بن جعفر الأسدي ، كما في باب حدوث العالم وباب
1 . إن كانت الوسائط ثلاثة " منه " . 2 . هما ما تقدّم في كلام الجماعة من أنّ الإطلاق منصرف إليه ووجود التصريح به في بعض الأسناد " منه " . 3 . مشرق الشمسين : 75 - 77 .