[ كيفيّة نقل الحديث ] وأمّا كيفيّة رواية الحديث فقد أشرنا إليها في طرق التحمّل . ( 1 ) ولكنّهم اختلفوا فيما به يجوز رواية الحديث : فعن مالك وأبي حنيفة وبعض الشافعيّة أنّه لا حجّيّة إلاّ فيما رواه الراوي من حفظه وتذكّره . ومنهم من أجاز الاعتماد على الكتاب بشرط بقائه على يده ، فلو أخرجه عنها ولو بإعارته لثقة ، لم تجز الرواية منه لغيبته عنه المجوّزةِ للتغيير . والحقّ جواز الرواية من حفظه ومن الكتاب إن خرج من يده مع أمن التغيير ؛ فإنّ الاعتماد في الرواية على الظنّ الغالب الموجب للاطمئنان الحاصل بكلا الأمرين . ( 2 ) ومَن لا يعلم مقاصد الألفاظ وما يختلّ به معانيها ومقادير التفاوت بينها لم يجز له رواية الحديث بالمعنى بغير خلاف ، بل يقتصر على رواية ما سمعه باللفظ الذي سمعه ، وإن كان عالماً بذلك ، جاز على الأصحّ كما يشهد به أحوال الصحابة والسلف وكثيراً مّا كانوا ينقلون معنى واحداً بألفاظ مختلفة ، والأخبارُ ورد في ذلك . منها : صحيحة محمّد بن مسلم ، قال : قلت لأبي عبد الله : أسمع الحديث منك فأزيد وأنقص ؟ قال : " إن كنت تريد معانيَه فلا بأس " ( 3 ) مضافاً إلى أنّ التعبير للعجمي بلسان العجم جائز اتّفاقاً فبالعربيّة أولى فتدبّر . ( 4 ) وقيل : إنّما تجوز الرواية بالمعنى في غير الحديث النبويّ ؛ لأنّه أفصحُ مَن
1 . مرّ في ص 212 - 224 . 2 . الرعاية في علم الدراية : 304 - 305 . 3 . الكافي 1 : 51 / 2 . 4 . لأنّ التعبير بالعجمي له للاضطرار فالاحتياج إلى تفهيمه لا يكون موجباً لجوازها بالعربيّة فكيف يكون أولى ؟ ! " منه " .