نطق بالضاد ، وفي تراكيبه أسرار ودقائقُ لا يوقَف بها كما هي إلاّ بها ، ومن ثَمَّ قال : " نضّر الله عبداً سمع مقالتي ووعاها وأدّاها كما سمعها فربّ حامل فقه إلى من هو أفقه منه ( 1 ) " ولا ريب أنّه أولى وإن كان الأصحّ الأوّلَ . هذا في غير المصنَّفات ، وأمّا فيها فلا يتغيّر أصلاً ؛ لأنّ المجوّز في غيرها إنّما كان لزومَ الحرج الشديد في الجمود على الألفاظ ، وهو غير موجود في المصنّفات المدوّنة إلاّ أن يشير إليه . وينبغي تلك الإشارة في الحديث المرويّ بالمعنى . ولم يجوّز مانعوا الرواية بالمعنى وبعضُ مجوّزيها تقطيعَ الحديث بحيث يروي بعضُه دون بعض إن لم يكن رواه في محلٍّ آخَرَ أو غيرُه تامّاً . ومنهم من منعه مطلقاً . وجوّزه آخرون مطلقاً لمن عرف عدم تعلّق المتروك منه بالمرويّ بحيث لا تختلف الدلالة فيما نقله بترك ما تركه ؛ لأنّ المرويّ والمتروك حينئذ بمنزلة خبرين مستقلّين منفصلين ، ولذا ارتكبه السلف من أصحابنا ، وفرّقوه على الأبواب اللائقة به . ويتعلّم من يريد قراءة الحديث قبل الشروع فيها من العربيّة واللغة ما تَسلم به من اللحن ، ففي صحيحة جميل بن دراج قال : قال أبو عبد الله : " أعربوا حديثنا ؛ فإنّا قوم فصحاء ( 2 ) " . ولا يسلم من التصحيف بذلك بل بالأخذ من أفواه الرحال ومتى سمع بعض حديث من شيخ ، وبعضَه الآخَرَ عن آخَرَ ، روى جملته عنهما مبيِّناً أنّ بعضه عن أحدهما وبعضه عن الآخر ، فيصير الحديث مشاعاً بينهما ، فإن كانا ثقتين فالأمر في العمل سهل وإن كان أحدهما مجروحاً لا يجوز به بحال إلاّ إذا تبيّن الجزء الذي رواه الثقة .