ولا يُشترط في صحّة الرواية بالسماعة أو القراءة رؤية الراوي للمرويّ عنه ، بل يجوز ولو من وراء الحجاب إذا عرف الصوت أو عرف أنّه الشيخ بالشهادة ، وظاهرهم الاكتفاء في ذلك بإخبار ثقة . وفيه تأمّل إذا لم يفد القطع . وعن بعض اشتراط الرؤية ؛ لإمكان المماثلة في الصوت . وأنت خبير بأنّ المناط إذا كان القطع لا يجري هذا الاحتمال ، وعلى فرض جريانه يجري في الرؤية أيضاً . وكذا لا يُشترط علم المحدّث بالسامعين ، بل لا يؤثّر منع البعض بعد إسماع الكلّ . نعم ، إذا كان ذلك المنع لتذكّره الخطأَ في الرواية لم يختصّ المنع بذلك البعض ويُقبل قوله فيه . وثالثها : الإجازة ، مأخوذةً من جواز الماء الذي سقته الماشية ، ونحوِه . ومنه قولهم : استجزته فأجازني : إذا سقاك ماءً لماشيتك أو أرضك . فالطالب للحديث يستجيز العالمَ علمَه أي يطلب إعطاءه له على وجه يحصل به الإصلاح لنفسه كما يحصل للأرض والماشية الإصلاح بالماء فيجيز له . وكثيراً مّا يطلق على العلم اسم الماء ، وعلى النفس اسم الأرض ، وعليه يمكن تنزيل قوله تعالى : ( وَتَرَى الأَرْضَ هَامِدَةً فَإِذَا أَنزَلْنَا عَلَيْهَا الْمَآءَ اهْتَزَّتْ ) ( 1 ) قولِه تعالى : ( وَجَعَلْنَا مِنَ الْمَآءِ كُلَّ شَىْء حَىّ ) ( 2 ) وعلى ذلك يتعدّى الإجازة إلى المفعول بغير حرف ، فيقول : أجزتك مسموعاتي . وقيل : الإجازة إذن وتسويغ وهو المعروف ، وعليه يقول : أجزت لك روايةَ كذا . وقد يقال على المعنى الثاني " أجزت لك مسموعاتي " بحذف المضاف وعلى وجه المجاز بالحذف .