الطريقة أعلى ؛ لدلالتهما على الواقع صريحاً . ثمّ بعدهما قوله : " حدّثنا " و " أخبرنا قراءةً عليه " . وعن بعض المحدّثين كفايتهما مطلقين وفي قول ثالث تجويزُ إطلاق " أخبرنا " دون " حدّثنا " . ومدرك الأوّل واضح ، والثاني أنّ إقراره به قائم مقام التحديث والإخبار ، ومن ثَمَّ جازا مقترنين بقيد " قراءة عليه " . وضعف التعليل واضح ؛ لأنّ الجواز مع القرينة لا يعطي الجوازَ بدونها كما في سائر المَجازات . ووجه الثالث قوّة ظهور " حدّثنا " في النطق والمشافهة بخلاف " أخبرنا " ؛ فإنّه يُتجوّز به في غير النطق كثيراً . وأوّل الوجوه أظهرها . وفي قول : لو قال الراوي للمرويّ عنه : " أخبرك فلان بكذا " وهو ساكت مُصْغ إليه فلم ينكر ذلك صحّ الإخبار والتحديث عنه ، وإن لم يتكلّم بما يقتضي الإقرار به ؛ لأنّ عدالته تمنع عن السكوت عن إنكار ما ينسب إليه من غير صحّة . ومن البيّن أنّ السكوت مع عدم الصحّة أعمُّ من الإقرار ، ولا ينافي العدالة ، فيقول حينئذ عند الرواية : " قرئ عليه وهو يسمع " ولا يجوز أن يقول : " حدّثني " ؛ لأنّه كذب ، وما سمعه وحده أو مع الشكّ في سماع الغير يقول : " حدّثني " وما سمعه مع الغير يقول : " حدّثنا " ، ولو عكس الأمر فيهما لقصد التعظيم ودخوله في العموم جاز ؛ لصحّته لغةً وعرفاً إلاّ أنّ التأدية على ما هو المطابق للواقع من دون ملاحظة هذه الأشياء أولى . ومنعوا في الكلمات الواقعة في المصنّفات بلفظ " أخبرنا " و " حدّثنا " من إبدال إحداهما بالآخَر ؛ لاحتمال أن يكون القائل لا يرى التسوية بينهما وكذا الناظر ، فيقع التدليس ولا تجوز الرواية مع كون السامع أو المستمع ممنوعاً من السماع بشواغلَ كالنسخ والتحديث وغيرهما ممّا يوجب عدم فهم المقرّر ، ووجهه واضح .