[ تعريف الخبر والفرق بين الخبر والحديث ] وكيف كان ، فليعلم أنّ الخبر قد يعرّف بكلام لنسبته خارج في أحد الأزمنة الثلاثة مقابلَ الإنشاء ؛ فإنّ الكلام قد يكون نسبته بحيث تحصل من اللفظ ، ويكون اللفظ موجداً لها من غير قصد إلى كونها دالّةً على نسبة حاصلة في الواقع بين الشيئين ، وقد يكون نسبته بحيث يُقصد أنّها ثابتة في نفس الأمر من دون مدخليّة للّفظ في الثبوت وعدمه ، بل إنّما هو كاشف عن أحدهما ومعرّف عنه ، ويسمّى الأوّل بالإنشاء . والثاني بالخبر . وقد يقال : إنّ المراد بالخارج في تعريف الخبر هو الخارج عن مدلول اللفظ وإن كان في الذهن ، ليدخل مثل : علمت . ولعلّ منشأه قلّة التدبّر ؛ فإنّ الخارج هو عالم ترتّب الآثار التامّة بالنسبة إلى الأشياء ، وذلك ممّا يختلف باختلاف الأشياء ، فالخارج لمثل النار والماء هو الخارج عن الذهن ؛ لعدم ترتّب آثارهما التامّة على صورهما الذهنيّة . والخارج لمثل العلم هو نفس حصول الصورة في الذهن أو نفس الصورة الحاصلة . وبعد اختلاف الخارج في حدّ ذاته لا حاجة إلى ذلك البيان . وقد يطلق الخبر على ما يرادف الحديث ، وهو ما يحكي فعل المعصوم أو قوله أو تقريره أو تركه ، فيكون بالمعنى الثاني أخصَّ منه بالمعنى الأوّل . وقد يعرّف بقول المعصوم أو حكاية قوله إنتهى . فبين الخبرين عموم من وجه ، مادّة الاجتماع واضحة ، والإفتراقين قولنا : زيد عالم ، وقوله : " صلّوا كما رأيتموني أُصلّي " ( 1 ) ووهنه ظاهر . وأمّا نفس القول والفعل والتقرير فهو السنّة ، فالحديث ما يحكي السنّة . والمراد من الخبر والحديث عندنا ما عرّفناه به أخيراً . وإطلاق الحديث على
1 . المسند للشافعي : 54 ؛ سنن الدارمي 1 : 286 ؛ صحيح البخاري 1 : 155 و 7 : 77 و 8 : 133 .