عن الحق - فلم تبق لكم الا شهادتكم لأنفسكم ، وهي غير مجدية لكم نفعا فتحيروا من كلامه المبين ، وتحقيقه البليغ المتين ، ونظر بعضهم إلى بعض وأمسكوا - طويلا - فقال عزيز - وهو الشاب الذي كان بينهم - : يا سيدي ألا أقول لك كلاما مختصرا نافعا من باب النصح والمحبة ؟ فاستمع وتأمل فيه وأنصف فهو حجة عليك . فقال - أيده الله تعالى - : نعم ما هذا المقال فقال : ان في كتابنا - وهو التوراة - مجئ نبي بعد موسى ، إلا أنه من بني إخواننا ، لامن بني إسماعيل . فقال دام ظله - : هذه البشارة قد جاءت بها التوراة في الفصل الثاني عشر من السفر الخامس ، وترجمتها : " إنه تعالى قال لموسى : إني أقيم لهم - أي لبنى إسرائيل - نبيا من بني إخوانهم مثلك ، فليؤمنوا به وليسمعوا له " واخوان بني إسرائيل هم بنو إسماعيل ، فان إسرائيل هو يعقوب بن إسحاق أخي إسماعيل فالنبي الموعود به هو من ولد إسماعيل وهذه حجة لنا ، لا علينا . فخجل عزيز ، وتلون ألوانا ، وعض على أنامله ، وما تكلم بشئ بعد ذلك . ثم أعاد عليهم النصح ، فقال لهم : قد علمتم اطلاعي على كتبكم ومذاهبكم وعلمي بطريقة سلفكم وخلفكم ، وإني أريد قطع معاذيركم بإزالة شبهكم فإن كان فيكم من هو أعلم منكم ، فارجعوا إليه ، واحصوا ما عنده ، وآتوني به ولكم المهلة في ذلك إلى سنة كاملة ، فارجعوا إلى الحق ، ولا تتمادوا في الغي . فقالوا : نحن نعتقد بنبوة موسى بالمعجزات الباهرات ، والآيات الظاهرات فقال لهم دام ظله - : هل كنتم في زمن موسى ، ورأيتم -