إلى بيت الله الحرام : وفي أواخر تلك السنة بالذات يتشرف بحج بيت الله الحرام لا لقصد الحج فحسب ، بل لإقامة مشاعر الحج وإصلاح بعض مواقفه وتأسيس بعض مواقيته ، وبقي في مكة أكثر من سنتين موضع حفاوة وعناية من عامة طبقاتها ، حتى أنه كان يوضع له كرسي الكلام فيحاضر بالمذاهب المختلفة ويحضر مجلسه العلمي أرباب المذاهب كلها ، فكان لسيطرته علي موضوعية البحث يرتئيه كل مذهب لنصرته ، ويدعيه لنفسه وكان يخفى مذهبه عليهم ، ويستعمل " التورية " والتغطية ان سئل عن ذلك كقوله : أحمد جدي ، وأما والدي * مالكي ، لكن ديني شافعي [1] واعتقادي حنفي ، وأنا * شافعي بدليل قاطع [2] وأرى الحق مع السنة في * كل ما قالوا بأمر جامع [3]
[1] يقصد بالفقرات الثلاث - في هذا البيت - : ان " احمد المصطفى ص ) " جده النسبي ، وان والده يملكه ويملك تصرفاته بحكم الحديث القائل : " أنت وما تملك لأبيك " ، وان دينه - الاسلام - هو الذي يشفع له يوم القيامة ويقربه إلى الله زلفى . [2] يريد بالفقرتين - في هذا البيت - : ان اعتقاده في الدين " الحنيف " وهو الاسلام : وأنه يقول ب " الشفاعة يوم القيامة ببركة النبي والأئمة الأطهار عليهم الصلاة والسلام . [3] وهذا الحكم طبيعي ، فان الحق مع " سنة " رسول الله ص ، وانها - بضميمة روايات أهل البيت المعصومين ( ع ) - أحد الثقلين اللذين خلفهما نبينا ( ص ) من بعده حجة على المسلمين كافة .