الشريعة تخفي أمارات ، ويحدث خيالات جديدة ، إلى أن تضمحل تلك الشريعة . توهم متوهم : أن شيخنا المفيد رحمه الله ، ومن بعده من فقهائنا إلى الان كانوا مجتمعين على الضلالة ، مبدعين بدعا كثيرة غير عديدة ضالين مضلين ، متابعين للعامة ، مخالفين لطريقة الأئمة عليهم السلام ، ومغيرين لطريقة الخاصة ، مع غاية قربهم لعهد الأئمة عليهم السلام ونهاية جلالتهم وعدالتهم ومهارتهم في الفقه والحديث وتبحرهم و زهدهم وورعهم وتقواهم وتقدمهم ، وكونهم المؤسسين لمذهب الشيعة ، المروجين له في رأس كل مائة ، المتكفلين لأيتام الأئمة عليهم السلام مع كونهم في غاية الفهم والفطانة والقوة القدسية ، بل ربما كانوا في صغر سنهم كذلك ، فضلا عن الكبر ، وبناء شرع الشيعة من بعد غيبة إمامهم إلى الان على قولهم في أصول دينهم ، وفروع مذهبهم في الاعصار والأمصار . فمن هذا التوهم اجتراء كل من لا اطلاع له أصلا بمباني أدلة الفقه و قواعده ، حتى أدخل نفسه في الفقه ، وحصل لنفسه فقها جديدا من تركيبه مقدمتين : الأولى : أن كل من ظن من جهة الأحاديث حكما ، وفهم في نفسه منها أمرا يكون ذلك حجة له ، ولا يجوز له تقليد غيره ، لأنه فقيه . الثانية : أن كل ما لم يظهر له وجهه ، وما لم يفهمه مما ذكره الفقهاء لا أصل له . ويكتفي في ذلك بمن قال : ومن أين ثبت ؟ فربما يعد نفسه أفقه من جميع فقهائنا ، ويحكم بصحة فقهه الحاصل له من المقدمتين الفاسدتين ، وبطلان فقه الفقهاء ، وان كان ذلك أمرا متفقا عليه