فإن الامساك بالمعروف هو الامساك بما يتعارف عليه العقلا في مثل هذه الموارد من الرفق والانفاق والاحسان . وأين ذلك من حكم العقلا جميعا على إثبات أو نفي حق الطاعة للمولى على المكلف عند وجود أو عدم هذا الشرط . وإذا ثبت أن هذا الحكم حكم عقلي من أحكام العقل العملي فلا نحتاج في حجيته إلى إمضاء الشارع وإنما يلازمه الحكم الشرعي بموجب حكم العقل النظري ، من باب الملازمة بين حكم العقل وحكم الشرع . وشتان بين إمضاء الشارع للسيرة العقلائية - الذين يؤول أمره كما يقول المحقق الشهيد رحمه الله إلى البراءة الشرعية - وبين الملازمة بين حكم العقل العملي والحكم الشرعي الذي قررناه في هذا التقرير . نعم ، لا شك ان للمولى ، إذا وجد أهمية متميزة لبعض أحكامه أن يأمر المكلف بالاحتياط فيما لم يصله الحكم على نحو القطع واليقين ، كما في موارد الدماء والأموال والفروج مثلا لاهتمام الحاكم والمولى به أكثر من غيره ، ولكن بشرط تبليغ الامر بالاحتياط ، ومن دون التكليف بالاحتياط ، لا تحق له الطاعة من دون وصول التكليف . ولا إشكال عند القائلين بالبراءة العقلية بوجوب الاحتياط عند ما يأمر المولى بالاحتياط فيكون المورد من موارد الاحتياط الشرعي . النقطة الثانية : ويحكم العقل كذلك حكما قطعيا بقبح العقاب على المولى الحكيم للمكلفين إذا خالفوه في أمر أو نهي في كل مورد ليس له حق الطاعة عليهم ، لان العقاب والمؤاخذة فيما لا يكون للمولى على المكلف ( حق الطاعة ) قبيح ومخالف للعدل والحكمة .