الدين فيه عمدا وتقصيرا ، لا من جهة تحصيل البراءة الشرعية ، ولا من جهة الاحتياط ، إذ لو كان يعلم أنه في الدين ، فلا معنى لكونه احتياطا ، بل يكون واجبا بالأصالة ولو لم يعلم ، فلا يتأتى الاحتياط على ما توهم ، مع أن الاحتياط ثابت عقلا ونقلا وإجماعا . وكذا الحال في مقدمة الواجب . على أنا نقول في هذا المقام : إن الثانية داخلة في الدين على الجزم واليقين ، لما عرفت من البراهين ، ولما في كتب الأصول في مقدمة الواجب وفي الاحتياط ومما ذكرنا علم أيضا أن المكلف في يوم الجمعة مثلا يعلم يقينا أنه لم يخرج عن التكليف ، ولم يصر مثل الأطفال والمجانين ، بل عليه إما الظهر أو الجمعة عند استجماع جميع الشرائط سوى المنصوب من قبل الإمام عليه السلام . وعلمه بذلك من جهة ضروري الدين ، لا من جهة الاجتهاد أو التقليد ، أو غيرهما من الظنون أو العلم النظري . نعم تعيين كونها الظهر أو الجمعة من نظريات الدين ، بل من معضلاته عند المطلعين الخبيرين ، وإن كان عند الجاهلين الغافلين أنها ليست كذلك . وكيف كان ، لا شك في كونها من النظريات ، لا الضروريات ، فالمجتهد إن لم يرجح إحداهما ، ويكون متوقفا متحيرا لا جرم يكون عليه الاتيان بهما جميعا بإجماع جميع العلماء ، لما عرفت من البراهين . وكذا الحال في مقلده ، وكذا الحال فيمن لم يجتهد ولم يقلد . بل عرفت أنه إن حصل له ظن بتعين إحداهما لا ينفعه أصلا ، لعدم حجية ظنه ، بل وحرمة العمل به ، لما عرفت من أن العمل بالظن حرام إجماعا ، للأدلة الكثيرة الواضحة ، إلا الظن الذي رخص الشارع العمل به ، وليس ظنه من جملته قطعا ، فلا شبهة في حرمته ، وإن كان عنده في غاية القوة ، بل وإن ادعى الجزم ، كما يدعيه بعض الجاهلين الغافلين المنغمرين في