الحرم ليقيم الصلاة جماعة ورجع الوحيد البهبهاني إلى الصحن و افترش عبأته على طرف مدخل باب القبلة ، وأذن وأقام وصلى صلاة الصبح . وفي أمثال هذه المحاورات كان الوحيد يتمكن من خصومه الفكريين ويدحض شبهاتهم ويكرس الاتجاه الأصولي ويعمقه . ولا بد أن نقول مرة أخرى اعترافا بالفضل للشيخ يوسف مؤلف ( الحدائق ) : إن تقوى الشيخ وخلوصه وصدقه وابتغاءه للحق كان من أهم عوامل هذا الانقلاب الفكري الذي جرى على يد الوحيد في كربلا ، ولو كان الشيخ يوسف يبتغي الجدل العلمي في حواره مع الوحيد البهبهاني لطالب محنة هذه المدرسة الفقهية ، واتسعت مساحة الخلاف فيها ، وتعمق فيها الخلاف ، ولكن الشيخ يوسف كان يؤثر رضا الله والحق على أي شئ آخر ، ومكن الوحيد البهبهاني في حركته الاصلاحية العلمية . ومن غرائب ما يروى عن هذا العبد الصالح ، أن الوحيد كان يحظر على تلاميذه حضور دروس الشيخ يوسف ، ولكن الشيخ في المقابل كان يسمح لتلاميذه بحضور دروس الوحيد ، وكان يقول كل يعمل بموجب تكليفه ، ويعذر الوحيد في ذلك ، وهو نموذج رائع من نماذج سعة الصدر والتقوي في فقهائنا الاعلام . ونشط الوحيد البهبهاني يومئذ في التدريس وحفل درسه بفضلاء الطلبة وعلماء كربلا ، وبرز في مجلس درسه عدد كبير من العلماء والمحققين والمجتهدين ممن تخرجوا عليه . ولو تحرينا نحن فروع شجرة فقهاء أهل البيت في القرن الثاني عشر و الثالث عشر والرابع عشر وجدنا أنهم جميعا يرجعون بصورة مباشرة أو غير مباشرة إلى الوحيد البهبهاني ولذلك يطلق عليه ( أستاذ الكل )