وقد عرفت أن المرجوح لا يمكن أن يجعل حكم الله ، لان معنى كونه مرجوحا أن الظاهر أنه ليس حكم الله . وأيضا ورد : أن الحديث إذا ورد عليكم فاعرضوه على السنة ، فإن وافقها فخذوا به وإلا فدعوه ، وكذا ورد كثيرا بالنسبة إلى القرآن - كما أشرنا سابقا - وقس على هذا حال ما اشتهر بين الأصحاب ، و غير ذلك . فإن كان العام موافقا لهذه الأمور لا جرم يكون المعمول به هو العام حينئذ بلا تأمل ، لما ورد في تلك الأخبار وغيرها مضافا إلى الاعتبار . وكذا ورد عنهم عليهم السلام : ( أعرضوا الحديث على سائر أحكامنا فإن وجدتموه يشبهها فخذوا به ، وإلا فلا ) . وأيضا : القاعدة إذا كانت قطعية فلا يجوز أن يخصصها علمي لو فرض ، فضلا عن ظني . وبالجملة لا شبهة لاحد في بعض المواضع ولا تأمل في أن النص المخالف ليس بحجة ، ولا بد من الطرح أو التأويل . مثل ما ظهر من بعض الاخبار من أنه يجوز أن يتطهر بالنجس حال الاضطرار [1] وإن الشئ ربما يصير نجسا حال الاختيار وطاهر حال الاضطرار ، ومثل أن الماء القليل
[1] الرواية هكذا : كتبت إلى من يسأله عن الغدير يجتمع فيه ماء السماء ويستسقى فيه من بئر فيستنجي فيه الانسان من بول أو يغتسل فيه الجنب ما حده الذي لا يجوز ؟ فكتب لا تتوضأ من مثل هذا إلا من ضرورة إليه . انظر التهذيب 1 : 418 .