لكن يشكل الامر على القائل : بأنه بعد كل حدث يجب الطهارة وجوبا موسعا لا يتضيق إلا بتضيق وقت العبادة ، أو مظنة الموت ، وأن كل وضوء يتوضأ المكلف بسبب الحدث لا بد من أن ينوي فيه نية الوجوب ، لكونه واجبا لنفسه وكذا الغسل . وجه الاشكال : أنه لو لم يتطهر عقيب الاحداث سوى ما يظن الموت بعده ، وما يتضيق بتضيق العبادة لا يكون عليه عقاب أصلا . ولو تطهر عقيب كل حدث حدث يكون آتيا بواجبات لا تحصى ، فكيف يتحقق واجب لنفسه لا يكون على تركه العقاب أصلا ؟ ولا يمكن أن يقال : إنه بعد الحدث تصير الطهارة السابقة عليه لغوا محضا ، أو مستحبا ، ويرتفع صفة الوجوب ، إذ لا شك في أنه عبادة صحيحة ، فإن الغسل الواقع بعده حدث كيف يمكن أن يقال : إنه لغو بحث أو مستحب ؟ فإنهم لا يقولون بهما ، مع أن الحكم بكونه لغوا خلاف المعلوم من الأدلة أيضا . وأيضا أكثر الطهارات - سيما الوضوء - لا يكون عند تضيق وقت العبادة ، ولا مظنة الموت ، بل عند الظن الغالب بالبقاء ، وربما يفعل لحدث آخر مثل : الوضوء لجماع الحامل ، والنوم ، وكذا الغسل . واعلم : أنه ربما يطلق الوجوب على كون الشئ شرطا لشئ ، ويعبر عنه بالوجوب الشرطي .