وأما العموم من وجه : ففيه النزاع المشهور بين الشيعة والأشاعرة : فإن الأشاعرة يقولون : بجواز الاجتماع فيكون العمومان باقيين على حالهما من غير تخصيص ولا تعارض بينهما فيكون الآتي بما فيه التصادق ممتثلا وعاصيا معا . والشيعة يقولون : بعدم الاجتماع فيكون ما تصادق فيه العمومات بحسب ظاهر اللفظ خارجا عن أحد العمومين قطعا ، ويكون بينهما التعارض من وجه بنحو يكون أحدهما مخصصا للاخر . فإن كان أحدهما أقوى بحسب الدلالة أو غيرها فيتعين أن يكون المخصص للاخر هو ، لا الاخر ، وإلا فيرجع فيه إلى الأصول والقواعد . ولما كان في المثال الذي مثلوه - وهو الصلاة في الدار المغصوبة - طرف النهي أقوى من حيث الدلالة ، وبعض الوجوه الخارجية أيضا : - وهو أن دفع المفسدة أهم من جلب المنفعة التي [ ت ] تحقق بالطريق الاخر - اختاروا الحرمة وجعلوا ما دل عليها هو المخصص للاخر ، و إن كان بعض المتأخرين اختار الصحة وعدم الحرمة ، وجعل الامر بالعكس ، مع أن الظاهر من المسلمين كون الحرمة مجمعا عليها عندهم . وجمع من محققي المتأخرين [1] اختاروا مذهب الأشاعرة ، ويدعون معلومية عدم استحالة الاجتماع ، ويقولون : إن المستحيل اجتماع المطلوب من جميع الوجوه ، والمبغوض كذلك ، وأما المحبوب و المبغوض من وجه فلا . والحق ما ذهب إليه الشيعة : فإن الامر المبعد عن ( الله ) تعالى كيف
[1] هم المحقق الأردبيلي والفاضل الشيرواني وسلطان العلماء و غيرهم قدس الله أسرارهم على ما حكى عنهم الميرزا القمي رحمه الله في كتابه القوانين : 140 .