فنقول : العبادات الواجبة لا تكون إلا مأمورا بها ، فإذا ورد النهي فإما أن يكون بين المأمور به والمنهي عنه : تساو ، أو تباين ، أو عموم مطلق ، أو عموم من وجه : والأول : لا بد فيه من الجمع والتأويل إن أمكن ، وإلا فطرح أحدهما متعين كما سيجئ في تعارض الاخبار . والثاني : لا غبار عليه . والثالث : يجمع بينهما بتخصيص العام ، لأنه من جملة العام والخاص المتنافي الظاهر . وقال بعض الأصوليين : بجواز اجتماع الأمر والنهي فيه كما في العام من وجه . وفيه نظر : لان أهل العرف لا يفهمون من ذلك سوى التخصيص مثلا : إذا قال المولى لعبده - أكرم عالما ولا تكرم زيدا - لا يفهمون منه سوى التخصيص والاستثناء كما في قوله - أكرم العلماء ولا تكرم زيدا - لا يفهمونه إلا أنه يريد من العلماء من سوى زيد ، لا أنه يريد إكرام زيد أيضا من حيث أنه عالم ، وعدم إكرامه من حيث الخصوصية . وهذا واضح [ لمن ] تتبع استعمالات أهل العرف وطريقة الفقهاء مثل : اقرأ سورة بعد الحمد ، ولا تقرأ السجدة ، وصم ، ولا تصم يوم العيد إلى غير ذلك . وقد عرفت : أن طريقة خطابات الشرع طريقة خطابات أهل العرف ، و لا يريد منهم سوى ما يفهمون ، وإن قلنا : بأن الاجتماع فيه غير مستحيل عقلا . فتأمل .