وأيضا هؤلاء العظام - مع قرب عهد كل واحد منهم للاخر ، ونهاية معرفته به ، بل وربما عاشره وصاحبه - لا يعتمد كل منهم بحديث الاخر ، ولا يفتي إلا بما انتخبه نفسه ، ولا يجعل كتابه تتمة لكتاب الاخر ، بل يصنف كتابا برأسه مغايرا لكتاب الاخر ، ويقول : هذا هو الحجة عندي ، بل وكثيرا ما يطعن على حديث الاخر ، بل وربما يصرح بأنه موضوع ، كما بسطناه في الرسالة . فمع ذلك كيف يحصل لنا العلم بقطعية أحاديث كل واحد منهم ؟ مع شدة المخالفة بينهم ، وكل واحد منهم يبني على خطأ الاخر . وأيضا الشيخ صرح في ( العدة ) وأول ( الاستبصار ) بأنه يعتمد على الأحاديث الظنية ، ويفتي بها ، وادعى أن الشيعة كانوا يعتمدون عليها . والصدوق صرح بأنه يصحح الحديث بمجرد تصحيح شيخه ابن الوليد . ومعلوم قطعا أن مجرد تصحيحه لا يجعل الحديث قطعيا . وظهر أيضا من غير واحد من كلامه أنه كان يعتمد على الظني كما أشرنا إلى توجيهه في ( الرسالة ) . والكليني أيضا ربما يظهر من كلامه : أن مراده من العلم علمي العمل ، لا الصدور كما أشرنا إليه في ( الرسالة ) .