والحجة ليست إلا الأولين ، والأول وإن كان قطعيا ، إلا أنه ربما كان قرائن حالية ، أو مقالية على أن المراد منه المجاز ، كيف ؟ وجل أخبارنا يظهر المراد منها من ملاحظة الاخر ، فيمكن أن يكون ما لم يظهر مثل ما ظهر ، لكن لم يصل إلينا ، وذهب فيما ذهب من كتب الشيعة ، أو وصل إلينا ، لكن لم نطلع على روايته ، أو على كتابه ، أو اطلعنا لكن لم نتفطن بالدلالة ، فإنا كثيرا ما نلاحظ الحديث ، أو كلام العلماء ، أو كلام غيرهم ، ولا نفهم منه أمرا ، نفهمه بعد الملاحظة الثانية أو الثالثة وهكذا ، وبعد دقة النظر والتعمق ، بل ربما يظهر لنا في المرتبة الثانية أو الثالثة خلاف ما فهمناه وضده ونقيضه وربما نفهم في الثالثة خلاف ما فهمناه في الثانية ، وهكذا . ونقل عن المحقق المدقق مولانا الشيرواني أنه قال : درست شرح الكافية للجامي عشرين مرة ، كل مرة فهمت أن المرة السابقة ما فهمته كما هو . ومما يشير إلى ما ذكرنا : أن كثيرا من الآيات والاخبار صار فهمها معركة للآراء بين العلماء ، بل ربما يفهم واحد منهم ضد ما فهمه الاخر مع جودة فهم الكل ، واستقامة سليقتهم . وأيضا القرائن ظنية والدلالات غالبا كذلك . وأيضا ربما سقط من الرواية شئ ، أو وقع تصحيف ، أو تحريف ، أو زيادة ، أو تقديم ، أو تأخير ، أو غير ذلك بل وقعت في كثير من أخبارنا ، كما لا يخفى على المطلع .