موضع لم يكن فيه أمارات المجاز ، مثل تبادر الغير ، وصحة السلب ، و غيرهما . ثم اعلم أن الفقهاء رضوان الله عليهم عادتهم التمسك بأصالة الحقيقة ، ولا يتوهم التناقض منهم ، لان مرادهم الموضع الذي علم معناه الحقيقي ، ولم يعلم استعماله فيه ، فالأصل الحقيقة قطعا بالأدلة التي ذكرناها في الفائدة السابقة . والموضع الذي يقولون : - إن الاستعمال أعم من الحقيقة - هو ما إذا علم المستعمل فيه ، لكن لم يعلم كونه حقيقة أو مجازا . وعليك بمعرفة الفرق وملاحظة دليلهما ومراعاة الفرق حتى لا تخلط ، ولا تخبط في الفقه . واعلم أيضا أنه على تقدير كون استعمال الشارع مجازا - كما هو المختار - فالظاهر أنه في غير المجاز المرسل استعارة وتشبيه ، و أن المراد المشابهة في الحكم الشرعي . فإن كان للمعنى الحقيقي حكم شرعي شائع ، أو أحكام كذلك ، فالذهن ينصرف إليهما ، كما ينصرف إلى الشجاعة في استعمال الأسد في الادمي ، لا مثل البخر والصورة أو غيرهما ، وإلا فالظاهر العموم بالدليل الذي يقتضي العموم في الاطلاقات لا الاجمال . ومن المسلمات أيضا : أنه إذا تعذر الحقيقة فأقرب المجازات متعين ، فمقتضاه المماثلة من جميع الوجوه ، إلا ما أخرج بالدليل حتى صارت منشأ القول بأنه هو هو . ومما ذكرنا ظهر أن الشارع بمجرد استعمال الكافر ، أو الناصب ، أو الخمر ، أو غير ذلك في غير المعاني اللغوية ، أو العرفية لا يمكن الحكم بكونها