فلا تدخل التزكية فيه أيضاً . وقد يقال : إنّ المعتبر في حقيقة الخبر بالمعنى اللغوي عِلْم الُمخبر بحقيقة النسبة ، مع استظهار هذه الدعوى من الشهيد في القواعد ، حيث حكم بأنّ الشهادة والرواية تشتركان في الجزم ( 1 ) . وكذا من أهل ( 2 ) البيان ، حيث قالوا : " لا شكَّ أنَّ قصد الُمخبر بخبره إمّا الحكم أو كونه عالماً به ، ويُسمّى الأوّل فائدة الخبر ، والثاني لازمها " وقرّروا التلازم بأنّه لا يمكن أن ينفكّ الثاني عن الأوّل ، دون العكس . فالمقصود بالخبر في حصر الكلام في كلماتهم في الخبر والإنشاء هو الأعمّ من العلم ، وإلاّ فصور غير العلم من التصديقات وسائط بين الخبر والإنشاء . بل قد يقال : إنّ صِيَغ الخبر - وهي أنفس الجمل - كذلك ، فيكون مدلول " زيد قائم " - مثلا - هو الإذعان بتحقُّق النسبة في الواقع إذعاناً علميّاً . وبه صرَّح بعض الفحول أيضاً . وبالمقالة الأُولى تخرج التزكية عن الخبر ؛ لابتنائها على الظنّ . لكن نقول : إنّه لا يلزم في صدق الخبر كون المتكلّم عالماً بالنسبة قطعاً ، بل يكفي في صدقه مجرّد إسناد المحمول إلى الموضوع ولو مع العلم بكونه كذباً . ولا إشكال فيه لو لم يكن المخاطب عالماً بكون المتكلّم غير عالم بالنسبة . نعم ، يتأتّى الإشكال في صورة تقييد النسبة من المتكلّم بالظنّ ، كما لو قال : " زيد قائم على ظنّي " وإن كان الظاهر الاتّفاق على عدم صدق الخبر ، لكن لا إشكال في عدم صدق الخبر في صورة تقييد النسبة من المُتكلّم بالشكّ ، كما لو قال : " زيد قائم على الشكّ " .
1 . القواعد والفوائد 1 : 247 ، القاعدة 82 . 2 . منهم الخطيب القزويني في التلخيص ، والتفتازاني في شرحه ، انظر مختصر المعاني : 78 .