اكتفوا في إثبات الإحصان - الذي هو الشرط في إيجاب الزنا للرجم - بشاهدين ، ولم يكتفوا في أصله - أعني الزنا - بالأربعة شهداء . وحيث اكتفي في إثبات الأصل - الذي هو الرواية - بالواحد ، وجب الاكتفاء به في إثبات شرط قبولها - أعني العدالة - بطريق أولى . أقول : إنّه إن كان المقصود امتناع زيادة الشيء عن أصله عقلا من باب ما تداول القول به من امتناع زيادة الفرع على الأصل ، كما يُرشد إليه صدر الاستدلال . ففيه : أنّه لا يَمتنع عقلا ، ولا يحكم العقل بقُبح أن يحكم الشارع بوجوب قبول خبر الواحد إذا كان المُخبَر به حكماً شرعيّاً ، وعدم جواز قبوله عند تزكية المخبر عن الحكم الشرعي . وبعبارة أُخرى : لا قبح عند العقل في حكم الشارع بوجوب قبول خبر الواحد في الأحكام الشرعيّة إذا عدّله اثنان ، وعدم جواز قبوله إن عدّله واحد . والقول المتداول من امتناع زيادة الفرع على الأصل مجرّد كلام جرى على الألسن ، لا مبنى له ، ولا عبرة به ، ألا ترى أنّ الولد فرع الوالد ، وكثيراً مّا يكون والدٌ غير قابل لأن يكون له ولدٌ جامع لمراتب الكمال . وإن كان المقصود هو القياس بطريق أولى ، كما يُرشد إليه ذكر طريق الأولويّة . ففيه - بعد تسليم الأولويّة في غير ما نحن فيه ، وتسليم حجّيّة القياس المشار إليه ولو لم يكن الأمر من باب مفهوم الموافقة - المنع عن الأولويّة في المقام ، باعتبار أنّ الرواية لا تتوقّف إلاّ على السماع ، واحتمال الخطأ فيها أقلّ من احتمال الخطأ في التزكية ؛ حيث إنّ العدالة وكون الشخص معتمَداً عليه واقعاً ممّا يعسر الاطّلاع عليه ، خصوصاً مع رجحان الفسق لغلبته . فالظنّ الحاصل من التزكية أدنى من الظنّ الحاصل من الرواية ، فلا بأس باعتبار التعدّد في التزكية إتقاناً وإحكاماً في الباب ، والاكتفاء بالواحد في الرواية .