عدلٌ " هل يكفي في العمل بروايته أم لا - : إذا عرفتَ هذا ، فاعلم أنّ وصف جماعة من الأصحاب كثيراً من الروايات بالصحّة من هذا القبيل ؛ لأنّه في الحقيقة شهادة بتعديل [ رواتها ] ، وهو بمجرّده غير كاف في جواز العمل بالحديث ، بل لابدّ من مراجعة السند والنظر في حال الرواة ؛ ليؤمن من معارضة الجرح . وهو مقتضى مقالة مَنْ ينكر حجّيّة الظنّ الحاصل من الجرح والتعديل قبل الفحص ( 1 ) . وجرى السيّد الداماد على القول بذلك ؛ تمسُّكاً بأنّه يُمكن أن يكون التصحيح من العلاّمة وأمثاله بناءً على ما ترجّح عندهم في أمر كلٍّ من الرواة من جهة الاجتهاد ، فلا يكون حكمهم حجّة على مُجتهد آخر ( 2 ) . ومقتضى مقالة مَنْ قال بجواز العمل بالجرح والتعديل قبل الفحص - كسيّدنا - هو القول هنا أيضاً بالجواز . ومقتضى مقالة السيّد السند المحسن الكاظمي - من التفصيل بين صورة الظنّ بالخلاف وغيرها بوجوب الفحص في الأوّل ، وعدمه في الثاني ( 3 ) - هو التفصيل هنا بين صورة الظنّ بعدم الصحّة وغيرها ، بالجواز في الثاني ، دون الأوّل . ويظهر تحقيق الحال بما تقدَّمَ من الكلام في جواز العمل بالجرح والتعديل قبل الفحص . وأمّا ما تمسَّكَ به السيّد الداماد فمقتضاه عدم اعتبار التصحيح ولو بعد الفحص ، بل هو مقتضى صريح كلامه . أقول : إنّ حجّيّة ظنّ العلاّمة وأمثاله للمصحّح له من جهة حجّيّة الظنّ الناشئ من الظنّ المذكور ، وتظهر حجّيّته بما تقدَّم للمصحّح له .
1 . معالم الدين : 208 . 2 . الرواشح السماويّة : 59 ، الراشحة الحادية عشرة . 3 . عدّة الرجال 1 : 181 .