بل نقول : إنّه على ذلك لابدّ أن يُقتصر على أعلى مراتب الظنّ ، أي الظنّ المتآخم للعلم ، ولا يقول به أحد ، إلاّ أن يقال : إنّ الإجماع قائم على كفاية الظنّ الحاصل بعد الفحص وإن لم يكن متآخماً للعلم كما اعترفت به ، فبه يتأتّى الفرق بين الظنّ الحاصل قبل الفحص وبعده . هذا كلّه بناءً على كون الحجّيّة من الأحكام الوضعيّة مع اعتبار أصالة العدم ، وأمّا بناءً على كون المرجع إلى جواز العمل بالظنّ قبل الفحص وحرمته ، أو عدم اعتبار أصالة العدم ، فيتأتّى جواز القبول قبل الفحص . ثمّ إنّه ربّما يُتوهّم : أنّه لا خلاف في جواز العمل بالظنّ الحاصل من الجرح والتعديل قبل الفحص لو لم يكن الفحص . ويندفع : بأنّه قد صرّح جماعة بعدم اعتبار تعديل مجهول العين ؛ لكون العمل به من باب العمل بالظنّ قبل الفحص مع عدم إمكان الفحص . [ المختار في أصل المسألة ] إذا تمهّدَ ما تقدَّم - وقد زادت المقدّمة عن أصل المقصود بمراتب كثيرة - فنقول : إنّ مقتضى كلام مَنْ تقدّم منه عدم جواز العمل بالجرح والتعديل في باب الرواة قبل الفحص - كصاحب المعالم ( 1 ) والمحقّق القمّي ( 2 ) والوالد الماجد ( رحمه الله ) كما عن العلاّمة في النهاية والشهيد الثاني في الدراية ( 3 ) والفخري - : هو القول هنا أيضاً بعدم جواز العمل بالتصحيح . ومن ذلك : قول صاحب المعالم - بعد أن بنى على عدم جواز العمل بالجرح والتعديل قبل الفحص في ذيل الفائدة التي رسمها في أنّ قول العدل : " حدّثني
1 . معالم الدين : 208 . 2 . القوانين المحكمة 1 : 302 و 477 . 3 . الدراية : 74 .