فلمّا قتلوه قال بعضهم لبعض : هذا الذي آلت فيه المكّيّة سلافة بن سعد بن شُهيد ، وكان عاصم قتل بها يوم أُحد ثلاثة بنين من بني عبد الدار ، وكلّهم كانوا أصحاب لواء قريش ، فجعل يرمي ويقول : خذها وأنا ابن الأقلح ، وقالت : لئن قدرت على رأسه لتشربن في قحفه الخمر ، فأرادوا أن يحتزّوا رأسه ليذهبوا به إليها ويبيعوه منها ، فبعث الله رِجْلاً من الدَبْر فحمته ، فلم يستطيعوا أن يحتزّوا رأسه ( 1 ) . قال الشيخ : النابل : صاحب النبل ، والعنابل : الغليظ ، والهابل : التي مات ولدها ، والآئل : الراجع ، وآلت : حلفت ، والرِجل : الجماعة ، والدبر : الزنابير . أقول : قد أطلنا الكلام هنا لما يقع كثيراً في كلامهم أنّ الأنصار افتخروا بأنّ منّا من حمته الدبر . [ 97 ] عُتْبَة بن غَزْوان : قال أهل التاريخ : هو من بني مازن منصور حليف بني نوفل بن عبد مناف ، وهو ابن أُخت قريش ، قدم على النّبيّ ( صلى الله عليه وآله ) من الحبشة وهو بمكّة ، فأقام معه حتّى هاجر إلى المدينة ، فشهد معه بدراً . [ 98 ] عُتْبة بن عبد السُلَمي : نزل الشام . [ 99 ] العبّاس بن عبد المطّلب : عمّ النّبيّ ( صلى الله عليه وآله ) . وعن ابن عبّاس أنّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) قال لأصحابه : " إنّي قد عرفت أنّ رجالاً من بني هاشم قد أُخرجوا كرهاً فمن لقي منكم أحداً منهم فلا يقتله ، ومن لقي أبا البختري بن هشام بن الحرث بن أسد فلا يقتله ، ومن لقي العبّاس بن عبد المطّلب عمّ رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) فلا يقتله فإنّه إنّما أخرج مستكرهاً ، فقال أبو حذيفة بن عتبة بن ربيعة : أنقتل آباءنا وأبناءنا وإخوتنا وعشيرتنا ونترك العبّاس ؟ والله لئن لقيناه لأُلحمنّه السيف ، فبلغت رسول الله فجعل يقول لعمر بن الخطّاب : " يا أبا حفص ما تسمع إلى قول أبي حذيفة ؟ أيضرب ( 2 ) وجه عمّ رسول الله بالسيف ؟ " فقال عمر : يا نبيّ الله دعني فأضرب عنقه بالسيف فوالله لقد نافق . قال عمر : والله إنّه لأوّل يوم كنّاني فيه رسول الله بأبي حفص . قال : فكان أبو حذيفة يقول : ما أنا بآمن من تلك الكلمة التي قلت يومئذ وأنا لا أزال منها خائفاً إلاّ أن يكفّرها عنّي الشهادة ، فقتل يوم اليمامة شهيداً . قال أهل التاريخ : وإنّما نهى رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) عن قتل أبي البختري لأنّه كان يكفّ القوم عن رسول الله ( صلى الله عليه وآله ) وهو بمكّة كان لا يؤذيه ولا يبلغه عنه شيء يكرهه ، وكان ممّن قام في نقض الصحيفة ( 3 ) . قال أهل التاريخ : مات العبّاس بن
1 . البداية والنهاية ، ج 4 ، ص 73 و 74 ؛ الفائق في غريب الحديث ، ج 2 ، ص 394 . 2 . في الأصل : أقول أضرب . 3 . تاريخ الطبري ، ج 2 ، ص 151 ؛ شرح نهج البلاغة لابن أبي الحديد ، ج 14 ، ص 182 ؛ تفسير ابن كثير ، ج 2 ، ص 340 ؛ الطبقات الكبرى ، ج 4 ، ص 10 .