نام کتاب : تاريخ بغداد نویسنده : الخطيب البغدادي جلد : 1 صفحه : 25
ومنتخبات وأجزاء حديثية يختلط فيها الحديث والضعيف ، وقد تعقب الخطيب بعضها وانتقدها ، ولكنه لم يفعل ذلك دائما ، ولتعقيبات الخطيب على الأحاديث أهمية كبيرة لتضلعه في الحديث وعلومه . [65] وهكذا فإن الخطيب استفاد من المؤلفات التي سبقته في تأليف كتابه ، حتى إن ما اقتبسه يكون حوالي ثلاثة أرباح مادة كتابه . ولا شك أن الخطيب وجد أمامه مكتبة هائلة في التراجم والتاريخ والأدب انتقى منها مصادره ، ثم انتقى من مصادره الروايات التي ضمنها " تاريخ بغداد " فمعلوماته عن صاحب الترجمة قد تكون أوسع بكثير مما كتبه عنه ، وقد صرح الخطيب بذلك في أحد المواضع . وعملية الانتقاء هذه ضرورية في مصنفه لعدة أسباب : منها الحذر من تضخم كتاب فهو مع اقتضابه في معظم التراجم جاء بحجم كبير . ومنها تكرر المعلومات بسبب تماثل الروايات عن صاحب الترجمة في الكتب المختلفة . وقد حاول الخطيب أن يقدم ترجمة متكاملة تحتوى على التعريف بصاحب الترجمة بذكر اسمه ونسبه وكنيته وشيوخه وتلاميذه ، وأحيانا يسرد بعض أخباره الدالة على أخلاقه ومكانته ، ثم أقوال النقاد في بيان حاله من الجرح والتعديل ، ثم تاريخ وفاته ، وربما موضع قبره . وهذا قد يضطره أحيانا إلى أن يقتطع أجزاء من النصوص المقتبسة ليمنع تكرر المعلومات وليؤلف بينها في محاولة تكوين عناصر الترجمة الضرورية ، لكن المقارنات مع الأصول التي اقتبس منها تدل على عدم تصرفه بأسلوب المصنفين الذين نقل عنهم ، بل كان مثالا للأمانة العلمية والدقة . [66] والخطيب عالم ناقد متفحص ، وتظهر سعة اطلاعه وقابليته على النقد والتمحيص في بيان أوهام العلماء والمصنفين السابقين وتصحيحها ، وفى الكشف عن الروايات الشاذة التي خالفت ما اتفق عليه العلماء ، وفى الترجيح بين الروايات المتعارضة . فأما بيان أوهام العلماء والمصنفين السابقين فقد كشف الخطيب في مواضع كثيرة