نام کتاب : تاريخ بغداد نویسنده : الخطيب البغدادي جلد : 1 صفحه : 178
فجلست أنظر كيف يفعلون . فقال : أي بني ، دينك ودين آبائك خير من دينهم . فقلت : لا والله ما هو خير من دينهم . هؤلاء قوم يعبدون الله ويدعونه ويصلون له ، ونحن نعبد نارا " نوقدها بأيدينا إذا تركناه ماتت . فخافني فجعل في رجلي حديدا وحبسني في بيت عنده ، فبعثت إلى النصاري فقلت لهم : أين أصل هذا الدين الذي أراكم عليه ؟ فقالوا : بالشام . فقلت لهم : إذا قدم عليكم من هناك ناس فآذنوني . قالوا : نفعل فقدم عليهم ناس من تجارهم فبعثوا إلي إنه قد قدم علينا تجار من تجارنا ، فبعث إليهم إذا قضوا حوائجهم وأرادوا الخروج فآذنوني بهم . قالوا : نفعل فلما قضوا حوائجهم وأرادوا الرحيل بعثوا إلي بذلك فطرحت الحديد الذي في رجلي ولحقت بهم ، فانطلقت معهم حتى قدمت الشام ، فلما قدمتها قلت : من أفضل أهل هذا الدين ؟ قالوا : الأسقف صاحب الكنيسة ، فجئته فقلت له : إني قد أحببت ان أكون معك في كنيستك ، وأعبد الله فيها معك ، وأتعلم منك الخير . قال : فكن معي . قال : فكنت معه ، وكان رجل سوء ، كان يأمرهم بالصدقة ويرغبهم فيها . فإذا جمعوها إليه اكتنزها ولم يعط المساكين منها شيئا ، فأبتغضته بغضا " شديدا " لما رأيت من حاله ، فلم ينشب ان مات ، فلما جاؤوا ليدفنوه فقلت لهم : إن هذا رجل سوء ، كان يأمركم بالصدقة ويرغبكم فيها ، حتى إذا جمعتموها إليه اكتنزها إليه ولم يعطها المساكين . فقالوا : وما علامة ذلك ؟ فقلت : أنا أخرج إليكم كنزه . فقالوا : فهاته فأخرجت لهم سبع قلال مملوءة ذهبا وورقا ، فلما رأوا ذلك قالوا : والله لا يدفن ابدا " ، فصلبوه على خشبة ورموه بالحجارة ، وجاؤا برجل آخر فجعلوه مكانه ، فلا والله يا ابن عباس ما رأيت رجلا قط لا يصلي الخمس أرى انه أفضل منه ، ولا أشد اجتهادا ، ولا أزهد في الدنيا ، ولا أدأب ليلا ونهارا منه . ما أعلمني أحببت شيئا قط قبله حبه ، فلم أزل معه حتى حضرته الوفاة . فقلت : يا فلان قد حضرك ما ترى من أمر الله وإني والله ما أحببت شيئا قط حبي لك فماذا تأمرني ؟ وإلى من توصيني ؟ فقال لي : أي بني والله ما أعلمه إلا رجلا بالموصل فاته فإنك ستجده على مثل حالي ، فلما مات و غيب لحقت بالموصل . فأتيت صاحبها ، فوجدته على مثل حاله من الاجتهاد والزهادة في الدنيا . فقلت له إن فلانا أوصاني إليك أن آتيك وأكون معك . فقال : فأقم أي بني ، فأقمت عنده على
178
نام کتاب : تاريخ بغداد نویسنده : الخطيب البغدادي جلد : 1 صفحه : 178