نام کتاب : الموضوعات نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 12
ولو ذهبنا نستقصي الصحيح إلى الموضوع لهالنا الامر ، فهذا هو الامام مالك يثبت في موطئه ما يبلغ قرابة النصف في المائة من جملة ما جمعه . وعند البخاري لا تكاد تبلغ نسبة ما أثبته في كتابه من الصحيح إلى جملة ما جمعه ، ولم يصح لديه فلم يثبته واحدا في المائة . فكيف بالكثيرين سواهما ممن جمع وصنف . . مع قرب الامام مالك زمانا ومكانا لمهبط الوحي ، ودقة الامامين البخاري ومسلم وصدق تحريهما للحق والصواب . إزاء هذا الطوفان من الأحاديث الموضوعة ، هبت كتائب الحق من أهل الحديث ونقاده ، تتحرى حال الرواة من نقلة الحديث ، فتعدل وتجرح ، وتوثق وتضعف ، وتسلط الضوء على الأسانيد ، فتكشف من شأن رجال السند ما كان خافيا ، وتسبر من غوره ما كان مستورا . حتى لم تعد هناك صفة لراو إلا عرفت ، ولا خبيئة فيه إلا كشفت ، ولا نادرة عنه إلا رويت ، ولا حادثة إلا دونت . ما تعلق من ذلك بمذهبه وآرائه ، وما مس عقائده درجات حفظه ، وأقرانه وشيوخه . كذلك ما اعتوره في مختلف أطوار حياته ومراحل عمره وشيخوخته من اجتماع الذاكرة أو الخلط والوهم . ومن الأمانة في النقل أو التدليس ، حتى يخلص من كل ذلك إما إلى الاحتجاج به ، أو إلى تركه . بعد تفنيد حاله من رقة دينه أو تقواه وخشيته . وعلى عاتق هؤلاء عبر المائة الثانية وبعض الثالثة ، وضعت المسؤولية كاملة ، فحملوا ما حملوا من هذه الأمانة ، ولم يهنوا ، ولم يضعفوا ، وتجردوا للذود عن الصحيح من حديث النبي الكريم وتمييزه من السقيم المصنوع . وكان منهم قلة من الفقهاء ، وكثرة من المحدثين ، منهم سوى من ذكرنا : الشافعي والليث بن سعد والشعبي والزهري والأوزاعي وعمر بن عبد العزيز . ومن أهل العلم بالحديث وعلله ونقد رجاله : ابن عدى ، وأبو حاتم ابن
12
نام کتاب : الموضوعات نویسنده : ابن الجوزي جلد : 1 صفحه : 12