علم الجرح والتعديل نقدم لهذا البحت بعبارة ابن دقيق العبد ( أعراض المسلمين حفرة من حفر النار ، وقف عليها المحدثون والحكام ) [1] . نقول : وعلى الرغم من ذلك ، فلا بد صيانة لحديث رسول الله صلى الله عليه وسلم من الخوض في هذا الميدان فنقول : - هو علم يبحث فيه عن جرح الرواة وتعديلهم بألفاظ مخصوصة ، وعند مراتب تلك الألفاظ . رتبته : هذا العلم من فروع علم رجال الحديث ، والكلام في الرجال جرحا وتعديلا ثابت عن رسول الله صلى الله عليه وسلم ، ثم عن كثير من الصحابة والتابعين ، فمن بعدهم ، جوز ذلك تورعا وصونا للشريعة لا طعنا في الناس ، وكما جاز الجرح في الشهود جاز في الرواة ، والتثبت في أمر الدين أولى من التثبت في الحقوق والأموال [2] . وقال ابن عبد البر : هذا باب قد علط فيه كثير من الناس ، وضلت به نابتة جاهلة لا تدري ما عليها من ذلك . والصحيح في هذا أن من صحت عدالته وثبتت في العلم أمانته ، وبانت ثقته وعنايته بالعلم لم يلتفت فيه إلى قول أحد إلا أن يأتي في جرحته بينة عادلة تصح بها جرحته على طريق الشهادات . والعمل فيها من المشاهدة والمعاينة لذلك بما يوجب قوله من جهة الفقه والنظر . - واما من لم تثبت إمامته ، ولا عرفت عدالته ، ولا صحت لعدم الحفظ والاتقان روايته ، فإنه ينظر فيه إلى ما اتفق أهل العلم عليه ، ويجتهد في قبول ما جاء به على حسب ما يؤدي النظر إليه . والدليل على أنه لا يقبل فيمن اتخذه جمهور من جماهير المسلمين إماما في الدين - قول أحد من الطاعنين ، أن السلف رضوان الله عليهم قد سبق من بعضهم كلام كثير في حال الغضب ، ومنه ما حمل على الحسد ، كما قال ابن عباس : استمعوا علم العلماء ولا تصدقوا بعضهم على بعض ، فوالذي نفسي بيده لهم أشد تغايرا من التيوس في زربها . وفي قول له : خذوا العلم حيث وجدتم ، ولا تقبلوا قول الفقهاء بعضهم على بعض ، فإنهم يتغيرون تغاير التيوس في الزريبة . ومثل هذا القول نقل عن مالك بن دينار وأبي حازم الذي قال : سمعت أبي يقول : العلماء كانوا فيما مضى من الزمان إذا لقي العالم من فوقه في العلم كان ذلك يوم غنيمة . وإذا لقي من هو مثله ذاكره . وإذا لقي من هو دونه لم يزد عليه . حتى كان هذا الزمان ، فسار الرجل يعيب من فوقه ابتغاء أن