وكانوا كلما حاول أحد أن يقحم نفسه في ميدان السنة ، ويريد أن يغير أو يحرف ، أو يختلق أو يكذب بينوا أمره ، وفضحوا مسعاه ، وحذروا منه ، حتى لا يغتر به أحد ، أو يدخل في السنة ما ليس منها ، لا تأخذهم في الله لومة لائم ، فكان أحدهم يتكلم في أبيه وابنه وأخيه إن اقتضى الحال . . . حتى إن أهل الثقة والاستقامة والحفظ والضبط عندما تقع منهم هفوة أو زلة بحكم العوارض البشرية تبين ، وتصحح لهم . ولذلك دونت أسماء الرجال الذين نقلوا السنن والآثار ، أو عرفوا بتعاطيهم لهذا الفن ، وأعطي كل واحد منهم حقه بما له وما عليه ، فإذا ما جاء حديث أو أثر عرفنا قيمته واستبنا رتبته من خلال نقلته وحامليه ، وأصبحت معرفة أحوال هؤلاء النقلة ضرورية لا يستغنى عنها ، ولهذا قال علي بن المديني رحمه الله : معرفة الرجال نصف العلم . وقد ترك هذا التدوين والتأريخ لرواة الحديث ونقلته ، ونقدهم - جرحا وتعديلا - آثارنا مهمة في العلوم العربية والاسلامية الأخرى ، فقد حذت حذوه ، واقتبست منه . وترك لنا علماء الحديث والسنة كتبا كثيرة في الرجال ، بعضها مختص بإيراد الضعفاء ، وبعضها الاخر مختص بإيراد الثقات ، وبعضها يجمع بينهما ، وبعضها في فنون أخرى متفرعة عن ذلك كالمدلسين ، والمختلطين ، والمعمرين . . . وكتابنا هذا ، وقد خصصه مؤلفه لذكر طائفة من الضعفاء -