التي هي الفصل في كل شئ من شؤون حياتهم جعلهم يتلقون هديه وكلمته بمنهج دقيق ، تطمئن إليه النفس ويركن إليه القلب ، ويرتضيه العقل ، وعماد هذا المنهج الاسناد المتصل من أهل الاستقامة والديانة والحفظ والضبط ( إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم ) . وقد كان الصحابة رضوان الله عليهم ، الذين نقلوا لنا أقوال رسول الله صلى الله عليه وسلم وهديه عدولا ثقات ، لا يتقولون عليه ، ولا ينسبون إليه ما لم يقله أو يفعله . ولكن مع ذر قرن الفتن ، وانتشار الأهواء ، بدأ يتسرب الكذب ، وينجم على رسول الله صلى الله عليه وسلم ، كل يريد تأييد دعواه وهواه بقولة ينسبها إلى النبي صلى الله عليه وسلم لان كلمته هي الحجة البالغة ، والفيصل الحق . وبدء الامر يتزايد بكر الأيام ، مع كثرة طلاب العلم والمعرفة ، واتساع رقعة الدولة الاسلامية وازدياد الخلافات والانقسامات السياسية والمذهبية . . . فقيض الله عز وجل للسنة النبوية - قرنا بعد قرن - أناسا جردوا أنفسهم لخدمتها بعيدين عن الاغراض والمطامع والهوى ، وأمعنوا في الحفظ والكتابة . وأفرطوا في الرحلة . . . وواظبوا على السنن والمذاكرة ، والتصنيف والمدارسة ، حتى إن أحدهم لو سئل عن عدد الأحرف في السنن ، لكل سنة منها عدها عدا ، ولو زيد فيها ألف أو واوا لاخرجها . . [1] .