أتوب إليك يا رحمن مما * جنيت ، فقد تعاظمت الذنوب وأما من هوى ليلى وتركي * زيارتها ، فإني لا أتوب وقال له قائل : ما فيك عيب إلا أنك حنبلي ، فأنشد : وعيرني الواشون أني أحبها * وتلك شكاة ظاهر عنك عارها ثم قال : أهذا عيبي ، ولا عيب في وجه نقط صحنه بالخال . وأنشد : ولا عيب فيهم غير أن سيوفهم * بهن فلول من قراع الكتائب وكتب إليه رجل في رقعة : والله ، ما أستطيع أراك ، فقال أعمش وشمس ، كيف يراها . ثم قال : إذا خلوت في البيت غرست الدُّرَّ في أرض القراطيس ، إذا جلست للناس دفعت بدرياق العلم سموم الهوى أحميكم عن طعام البدع ، وتأبون إلا التخليط ، والطبيب مبغوض . وكان الشيخ أبو الفرج معيدًا عند الشيخ أبي حكيم النهرواني . وكان قد قرأ عليه الفقه أيضًا والفرائض بالمدرسة التي بناها ابن السمحل بالمأمونية . وكان لأبي حكيم مدرسة بباب الأزج فلما احتضر أسندها إلي أبي الفرج فأخذها جميعاً بعده . وفي خلافة المستضيء قوي اتصال الشيخ أبي الفرج وصنف له الكتاب الذي سماه " المصباح المضيء في دولة المستضيء " وصنف كتابًا آخر لما خطب للمستضيء بمصر ، وانقطع أثر العبيديين عنها ، سماه : " النصر على مصر " وعرضه عليه ، وحضر عنده ، ثم أذن له في سنة ثمان وستين أن يجلس للوعظ في باب بدر بحضرة الخليفة ، وأعطاه مالاً . قال الشيخ : فأخذ الناس أماكن من وقت الضحى للمجلس بعد العصر وكانت هناك دكاك فأكريت ، حتى إن الرجل كان يكتري موضعاً لنفسه بقراطين وثلاثة . قال : وكنت أتكلم أسبوعًا ، وأبو الخير القزويني أسبوعًا ، وجمعي عظيم وعنده عدد يسير . ثم شاعَ أن أمير المؤمنين لا يحضر إلا مجلسي ، وذلك في الأشهر الثلاثة .