وسمع صحيح البخاري على أبي الوقت ، وصحيح مسلم بنزول ، وما لا يحصى من الأجزاء وتصنيف ابن أبي الدنيا وغيرها . ووعظ وهو صغير جداً . قال : حملني ابن ناصر إلى أبي القاسم العلوي الهروي في سنة عشرين ، فلقنني كلمات من الوعظ ، وجلس لوداع أهل بغداد مستندًا إلى الرباط الذي عند السور في الحلبة ، ورقاني يومئذ المنبر ، فقلت الكلمات ، وحرز الجمع بخمسين ألفاً . ثم صحب أبا الحسن بن الزاغوني ، ولازمه ، وعلق عنه الفقه والوعظ . وذكر القادسي : أنه تفقه على أبي حكيم ، وأبي يعلى بن الفراء . وكذا ذكر ابن النجارة أنه بعد وفاة ابن الزاغوني قرأ الفقه والخلاف والجدل والأصول على أبي بكر الدينوري ، والقاضي أبي يعلى الصغير ، وأبي حكيم النهرواني . وصار مفيد المدرسة . وقرأ الأدب على أبي منصور الجواليقي . ولما توفي ابن الزاغوني في سنة سبع وعشرين طلب حلقته ، فلم يعطها لصغره فإنه كان في ذلك العام قد احتلم كما تقدم فحضر بين يدي الوزير ، وأورد فصلاً في المواعظ ، فأذن له في الجلوس في جامع المنصور . قال : فتكلمت فيه ، فحضر مجلسي أول يوم جماعة من أصحابنا الكبار من الفقهاء ، منهم عبد الواحد بن سيف ، وأبو علي بن القاضي ، وأبو بكر بن عيسى ، وابن قثامي وغيرهم . ثم تكلمت في مسجد معروف ، وفي باب البصرة ، وبنهر المعلى ، فاتصلت المجالس ، وقوي الزحام ، وقوي اشتغالي بفنون العلوم . وسمعت على أبي بكر الدينوري الفقه ، وعلى أبي منصور بن الجواليقي اللغة . تتبعت مشايخ الحديث ، وانقطعت مجالس أبي علي الراذاني - يعني الذي أخذ حلقة شيخه ابن الزاغوني - واتصلت مجالسي لكثرة اشتغالي بالعلم . واشتهر أمر الشيخ أبو الفرج من ذلك الوقت ، وأخذ في التصنيف والجمع . وقد كان بدأ بالتصنيف من قبل ذلك .