القاضي أبي يعلى ، ولازمه حتى برع في الفقه ، وأفتى ودرس . وكانت له حلقة بجامع المنصور للفتوى والمناظرة . وكان يلقي المختصرات من تصانيف شيخه القاضي أبي يعلى درسًا ، ويلقي مسائل الخلاف درسًا . وكان إليه المنتهى في العبادة والزهد والورع . ذكر ابن ناصر : أنه كان زاهد وقته في الطبقة الثانية عشرة . وذكره ابن السمعاني في تاريخه ، فقال : من أعيان فقهاء الحنابلة وزهادهم . كان قد أجهد نفسه في الطاعة والعبادة ، واعتكف في بيت الله خمسين سنة ، وكان يواصل الطاعة ليله بنهاره ، وكان قارئاً للقرآن ، فقيهًا ورعًا ، خشن العيش انتهى كلامه . وكانت له كرامات ظاهرة . ذكر ابن شافع في ترجمة صاحبه أبي الفضل بن العالمة الإسكافي المقرئ : أنه كان يحكي من كرامات الشيخ أبي الوفاء أشياء عجيبة . منها : أنه قال : كنت أحمل معي رغيفين كل يوم ، فأعبر - يعني في السفينة - برغيف ، وأمشي إلى مسجد الشيخ فأقرأ ، ثم أعود ماشيًا إلى ذلك الموضع ، فأنزل بالرغيف الآخر . فلما كان يوم من الأيام ، أعطيتُ الملاح الرغيف ، فرمى به واستقله ، فألقيتُ إليه الرغيف الآخر ، وَتشوش قلبي لما جرى ، وجئت الشيخ ، فقرأت عليه عادتي ، وقمتُ على العادة ، فقال لي : - قف - ولم تجر عادته قط بذلك - ثم أخرج من تحت وطائِه قرصًا ، فقال : اعبُر بهذا . فلحقني من ذلك أمرٌ بانَ عليَّ ، ومضيتُ فعبرتُ به . وكان ابن العالمة - هذا - قد قرأ على الشيخ أبي الوفاء القرآن بالروايات . وقال أبو الحسين ، وابن الجوزي في الطبقات : كانت له حلقة بجامع المنصور يفتي ويعظ ، وكان يدرس الفقه ، ويقرئ القرآن . وكان زاهدًا أمارًا بالمعروف ، نهاءً عن المنكر ، أقام في مسجده نحوًا من خمسين سنة ، وأجهد نفسه في العبادة وخشونة العيش .