فكنت أنقم عليه حين رأيته لأجل الصلاة ، لا لكونه قبض عليَّ فإنه كان مأمورًا . وذكر : أنه استخدمه في أصلح معايش الأمراء ، واستحله من صياحه عليه وقوله : أخرجوه عني . قال ابن الجوزي : وكان بعض الأعاجم قد شاركه في زراعة . فآل الأمر إلى أن ضرب الأعجمي الوزير وبالغ ، فلما ولي الوزارة أتى به فأكرمه ووهب له وولاه . أنبئت عن أحمد بن عبد الدائم المقدسي قال : حكى لنا ابن الجوزي قال : كنا جلس إلى الوزير ابن هبيرة ، فيملي علينا كتابه " الإفصاح " فبينا نحن كذلك إذ قدم رجل - معه رجل ادعى عليه أنه قتل أخاه ، فقال له عون الدين : أقتلته ؟ قال : نعم . جرى بيني - بينه كلام فقتلته : فقال الخصم : سلمه إلينا حتى نقتله فقد أقر بالقتل ، فقال عون الدين : أطلقوه ولا تقتلوه ، قالوا : كيف ذلك ، وقد قتل أخانا . قال : فتبيعونيه ، فاشتراه منهم بستمائة دينار ، وسلم الذهب إليهم وذهبوا ، قال للقاتل : اقعد عندنا لا تبرح . قال : فجلس عندهم ، وأعطاه الوٍزير خمسين ديناراً . قال ! : فقلنا للوزير : لقد أحسنت إلى هذا وعملت معه أمراً عظيماً وبالغت في الإحسان إليه فقال الوزير : منكم أحد يعلم أن عيني اليمنى لا أبصر بها شيئًا . فقلنا : معاذ اللّه ، فقال : بلى والله . أتدرون ما سبب ذلك . قلنا : لا . قال : هذا الذي خلصته من القتل جاء إلي وأنا في الدور ومعي كتاب من الفقه أقرأ فيه ، ومعه سلة فاكهة ، فقال : احمل هذه السلة ، قلت له : ما هذا شغلي فاطلب غيري ، فشاكلني ، ولكمني فقلع عيني ، ومضى ولم أره بعد ذلك إلى يومي هذا . فذكرت ما صنع بي ، فأردت أن أقابل إساءته إلي بالإحسان مع القدرة . قال ابن الجوزي : كان الوزير يجتهد في اتباع الحق ، ويحذر من الظلم ، ولا يلبس الحرير . وكان مبالغاً في تحصيل التعظيم للدولة العباسية ، قامعًا للمخالفين بأنواع الحيل ، حسم أمور السلاطين السلجوقية .