قال : وكانت فيه خلة أخرى عجيبة : لا يغتاب أحدًا ، ولا يُغتاب عنده . وكان صبورًا على القراءة عليه ، يقعد طول النهار لمن يطلب العلم . وكان سهلاً في إعارة الأجزاء لا يتوقف ، ولم يكن يأخذ أجرًا على العلم ، ويعيبُ من يفعل ذلك ، ويقول : علِّمْ مجانًا كما عُلَّمتَ مجانًا . قلتُ : حَدَّث عبد الوهاب بالكثير ، وسمع منه خلق عظيم . وروى عنه من الحفاظ والأئمة وغيرهم خلق كثير منهم : ابن ناصر والسلفي وابن عساكر ، وأبو موسى المديني ، وأبو سعد السمعاني ، وابن الجوزي ، وابن الأخضر ، وأبو أحمد بن سكينة ، وابن طبرزد ، وأحمد بن الديبقي ، وعبد الوهاب بن أحمد . هذا خلاف عبد الوهاب بن أحمد بن هذيمة ، وهو خاتمة أصحابه . وكان ابن السمعاني وغيرهُ مِن الحُفاظ يستفيدون منه ، ويرجعون إلى قوله في أحوال الرواة وجرحهم وتعديلهم . ومن الفوائد المذكورة عنه : أنه كان لا يجيز الرواية بالإجازة عن الإجازة وجمع في ذلك تأليفًا . ذكره ابن السمعاني عنه . وهو مذهبٌ غريب . تُوفي رحمه اللّه تعالى يوم الخميس حادي عشر المحرم سنة ثمان وثلاثين وخمسمائة ، ودفن من الغد بالشونيزية ، وهي مقبرة أبي القاسم الجنيد غربي بغداد . أخبرنا أبو الفتح محمد بن إبراهيم - بمصر - أخبرنا أبو الفرج عبد اللطيف بن عبد المنعم الحراني ، أخبرنا الحافظ أبو الفرج عبد الرحمن بن علي ، أخبرنا الحافظ عبد الوهاب بن المبارك الأنماطي بقراءتي عليه ، أخبرنا أبو محمد عبد اللّه بن محمد الصريفيني ، أخبرنا أبو بكر محمد بن الحسن بن عبد الله الصيرفي ، حدثنا أبو القاسم البغودي ، حدثنا علي بن الجعد ، أخبرنا شعبة عن منصور عن ربعي عن أبي مسعود قال : قال رسول الله صلى الله عليه وسلم : " إنَ آخِرَ مَا أدْرَكَ النَّاسُ مِنْ كَلاَمِ الْنبُوّةِ الأُولى : إذا لَمْ تَسْتَحِ فاصْنَعْ مَا شِئتَ " . أخرجه البخاري عن آدم عن شعبة .